دين ومجتمع

مدخل للشيطان على النفس البشرية 

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الذي كتب علينا الإحسان ونهانا عن الفجور والفسوق والعصيان، وأشهد أن لا إله إلا الله الكريم المنان وأشهد أن سيدنا محمدا النبي المصطفى العدنان اللهم صل وسلم عليه صلاة دائمة تشفع لصاحبها يوم العرض على الملك الديان وبعد اعلموا يرحمكم الله أن من أسباب الفتور في العبادة هو الإبتداع في الدين وإنه لسبب خفي من أسباب الفتور، ومدخل للشيطان على النفس البشرية قلما تتنبه له وذلك لأن هذه الشريعة الغراء ليست من صنع البشر، بل أحكامها إلهية، مصدرها الوحي، جاءت مؤصلة بكلام الله تعالى وسنة النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم، أي بالوحي الذي لا ينطق عن الهوى، من هنا كانت أحكامها متصفة بالحكمة، قائمة على المصلحة، مملوءة بالرحمة وكان على العبد أن يقتصر عليها دون زيادة أو نقصان.

 

أما النقصان فالخلل فيه واضح لا يحتاج إلى بيان لأنه لا يجوز أن يفعل الإنسان ما يحلو له من الدين ويترك ما لا يهوى، وأما الزيادة على الدين ولو كان ذلك بإنشاء العبادات أو الأذكار، أو إبتكار طرق جديدة في أداء الطاعات، فإن في ذلك كله زيادة في التكليف ومشقة على العباد، بسببها قد يبغض الإنسان العبادة المفروضة من ربه، والمشروعة من نبيه صلى الله عليه وسلم وذلك لضيق وقت الإنسان وتزاحم الواجبات عليه، مما يؤدي إلى ترك المطلوب المشروع، لفعل المبتدع المرفوض، وإنك سوف تجد هذا بوضوح في شأن المبتدعة، حيث ينشطون لبدعتهم، ويفترون عما أوجب عليهم فما أجمل الاكتفاء بالسنة النبوية، وما أروع الإقتداء بالحبيب المصطفي صلى الله عليه وسلم وما أفضل السير على منهاج سلف الأمة المهديين، وكم يفرحنا كثيرا هروب جملة من المبتدعة.

 

من ضلالة البدعة، بعد أن أرهقتهم تكاليف بدعتهم، ولكن يحزننا وقوعهم في نار المعصية، ولا غرابة في ذلك فالبدعة ليس مصيرها الفتور عن العبادة المشروعة فحسب، بل الضياع والحيرة في الأمر كله، ويقول الإمام ابن القيم رحمه الله ” كان السلف يسمون أهل الآراء المخالفة للسنة، وما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم يسمونهم أهل الشبهات والأهواء لأن الرأي المخالف للسنة، جهل لا علم وهوى لا دين فصاحبه ممن إتبع هواه بغير هدى من الله، وغايته الضلال في الدنيا، والشقاء في الآخرة، وكما أن من أسباب الفتور في العبادة هو الرفقة السيئة وهي الأخطبوط الذي يضم المصاب بداء الفتور، كلما حدثته نفسه بالعودة إلى الثبات والعزيمة على الرشد، فتنته هذه الرفقة بعرض جديد من ألوان الهوى وصور الفساد والخنا، فتراه يتوهم السعادة في مجالستهم والسهر معهم.

 

وإنها لسعادة ” كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتي إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فواه حسابه والله سريع الحساب ” وسوف يوفي الله تعالى المغتر برفقة السوء حسابه، ويريه كيف تكون الحسرة، فإن كان المتحسر في الدنيا يعض على إصبع واحد حسرة وندامة، فلسوف يعض على كلتا يديه فجيعة وقهرا، فكم هدمت رفقة السوء من لبنات الخير في نفوس كثير من الناس، لهو ولغو وغيبة ونميمة ونظر إلى الحرام، واستهانة بالدين وسخرية بالصالحين، وقتل للوقت، وتضييع للتكاليف، فواعجبا ممن ذاق حلاوة الإنس بالصالحين كيف يفارقهم؟ يذكرونه بالله، ويحيون في نفسه محبة الدين والعمل له، كلما رآهم زاد إيمانه إيمانا، يعود منهم تشتاق نفسه لأداء العبادة، يرغبونه في الخير، وينهونه عن الشر، ويكفي القول فيهم هم القوم لا يشقى جليسهم ولعل من أنفع الدواء لضعف الإيمان الصحبة الصالحة التي تذكر المسلم بالله عند غفلته، وتعينه على طاعة ربه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock