تشهد محافظة البحر الأحمر خلال الفترة الأخيرة نشاطاً متزايداً فى مزادات الشقق والأراضى سواء التابعة للدولة أو لبعض الجهات الخاصة حيث أصبحت هذه المزادات محط أنظار فئات واسعة من المواطنين وعلى رأسهم الشباب الذين يرون فيها فرصة لامتلاك وحدة سكنية أو قطعة أرض أو حتى فرصة استثمار قد تغيّر حياتهم لكن الواقع يكشف فجوة واضحة بين ارتفاع أسعار المزادات وبين الإمكانات المادية لمعظم هؤلاء الشباب الأمر الذى يثير تساؤلات كبيرة حول كيفية تمكن البعض منهم من دخول هذا السباق المكلف
فى مدن مثل الغردقة وسفاجا ورأس غارب تطرح الجهات الحكومية أراضى وشققاً بمساحات وأسعار متفاوتة لكن المزادات تشهد حضوراً لافتاً لشباب يحلمون بالاستقرار وبناء مستقبل أفضل ورغم أن الدخل الشهرى لكثير منهم لا يسمح بخوض مزاد بهذا الحجم إلا أن الرغبة فى امتلاك شيء ثابت تدفعهم للمغامرة وفى بعض الحالات يلجأ الشباب إلى جمع مبالغ صغيرة عبر الاقتراض العائلي أو الاشتراك مع أصدقاء مقربين على أمل الفوز بقطعة أرض ثم إعادة بيعها وتحقيق ربح يساعدهم على تحسين أوضاعهم المعيشية
وتشير بعض الآراء داخل المجتمع المحلى إلى أن جزءاً من الشباب يعتمد على الدفع بنظام التقسيط إذا كان متاحاً أو على ترتيبات مرنة تقدمها بعض الجهات مما يمنحهم مساحة للتحرك بينما يعتمد آخرون على العمل الإضافى وتوفير ما يستطيعون من مدخرات قليلة تضعهم فى دائرة المنافسة ولو بشكل محدود ومع ذلك تبقى الأسعار المرتفعة أكبر عقبة أمام دخول الشباب الحقيقي لهذه المزادات خاصة أن الزيادة المتكررة في قيم الأراضي والشقق جعلت الفجوة بين دخلهم ومتطلبات المزاد تتسع بصورة قد تفوق قدراتهم بكثير
ويرى خبراء التنمية أن المشكلة ليست في رغبة الشباب ولكن في غياب البدائل الملائمة التي تمنحهم فرصاً حقيقية للامتلاك دون الدخول في سباق مالي مرهق حيث يؤكدون ضرورة توفير مشروعات إسكان مخصصة للشباب بأسعار عادلة ونظم سداد مريحة حتى لا يصبح حلم السكن حكراً على القادرين فقط وفي الوقت نفسه يدعون إلى تعزيز الوعي المالي بحيث يدرك الشباب مخاطر الدخول في مزادات تفوق طاقتهم لأن الحماس وحده لا يكفي لبناء مستقبل مستقر
وتبقى مزادات الشقق والأراضي في البحر الأحمر مرآة لحلم كبير يراود الكثيرين لكن هذا الحلم يصطدم بواقع مادي صعب يجعل الشباب بين خيارين إما المغامرة التي قد تنجح وقد تنهار وإما انتظار فرصة أكثر عدلاً تمنحهم ما يستحقونه من استقرار وأمان وفي كل الأحوال يظل السؤال مطروحاً كيف يمكن تحويل طموح الشباب إلى واقع دون أن يكون الثمن أكبر من قدرتهم على التحمل