وحفظ الإيماء والإشارة حتى لا يكون صاحبها همازا لمازا، فالأمانة هي مكارم الأخلاق،
ولقد كثرت الفتن في هذه الأيام، نتيجة انفتاح العالم على قنوات أكثرها ينقل الإفساد العقائدي والانحطاط الخلقي،
فأما عن الإفساد العقائدي، وهو المتعلق بالألوهية وأكثر ما يتجلى هذا في أفلام الأطفال.
حيث يخيل أن السحاب يعطيه، وأن بابا نوبل يحقق له أحلامه،
وفكرة هذه الألاعيب هي فعل الأفعال عن قدرة الخالق جل جلاله، وأن الأشياء بذاتها تؤثر دون مؤثر خارج عنها، ودون قوة غيبية تسير الكون،
فترى أن السيارة تدعس الطفل حتى يصبح مثل الرغيف،
ثم يقوم ينفض يديه وكأن شيئا لم يكن،
أو تمر السيارة فتشطر الحيوان إلى شطرين،
ثم يعود الشطران فيلتئمان تلقائيا وكأن الموت والحياة بيد صاحب الجسم المنشطر،
وأما الانحطاط الخلقي فيبدأ بعناوين الأفلام والمشاهد التي فيه مغرية جذابة من جمال الإخراج والموسيقا وجمال الممثلين والممثلات،
وقد قال صلى الله عليه وسلم ( إياكم وخضراء الدمن) قالوا وما خضراء الدمن يا رسول الله؟ قال (المرأة الحسناء في المنبت السوء) رغم أن هذا الحديث قيل عنه أنه ضعيف،
والدمنة في لغة العرب هي المزبلة، ينبت عليها نبات يتغذى على القاذورات، فتنبت خضراء زاهية.
وما أكثر القصص التي تروي المآسي عن الانغماس في هذه الرذائل نتيجة ضعف الوازع الديني، في نفس صاحبها،
وما أكثر من يتلقى العقوبة العاجلة الطبيعية نتيجة هذا التلوث، وذلك بإصابة صاحبه بأمراض الإيدز والهربز وأمراض أخرى في النساء كالسيلان،
وإن كل هذه الأمراض والآفات عقوبات رادعة عسى أن ينتهي عنها أصحابها، ولا يصاب بها الأتقياء الحافظون للأمانة فيقول الله تعالى( ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرا عليما) فليست طاعة الله بحفظ الأمانة،
إلا حفاظا على المسلم أن يتردى في حمأة الهلاك، فالذي يقدم الطاعة يقدمها لنفسه،
والذي يفعل المعصية إنما يجني بذلك على نفسه،
فالله لا تضره معصية عبد ولا تنفعه طاعته، وقد قال الله عز وجل في الذين يقدمون النسك في الحج ويذبحون الأضاحي تقربا إليه تعالى (لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم) فالعبد مرهون بفعله لنفسه يفعل الخير، وعليه يعود ضرر المعصية.
فقال الله تعالى (إن أحسنتم أحسنتم لإنفسكم وإن أسأتم فلها) وقال جل شأنه عن النفس الإنسانية (لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت) فما أحرى المسلم أن ينتفع بما يسمع من الحكمة، فالحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق بها، والأمانة خلق النبل، يحرص على هذا الخلق كل ذي دين، ولو لم يكن صاحب دين لوجب أن يحرص عليه، فالأمين محبوب، وهكذا كان صلى الله عليه وسلم قبل الرسالة وبعدها، ولم يكن اسمه في الجاهلية إلا الأمين، فقال الله تعالى فى سورة الأحزاب (لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا).