صحف وتقارير

مقابلة حصرية مع دكتور أحمد محمد المصري: كيف نكسر حلقة صدمات الطفولة؟

منى منصور السبت 30-8-2025

حوارنا اليوم مع دكتور أحمد محمد المصري طبيب الأسرة والطب العام عن موضوع صدمات الطفولة، مشيراً إلى سبع علامات تظهر لدى البالغين كترسبات لهذه الصدمات، وبدأ سؤاله بالنقطة الأولى: “التجمد”، التي يصفها النص بأنها رد فعل مكتسب من عنف أو تهديد متكرر.

أوضح الدكتور أن “التجمد” هو استجابة بيولوجية عميقة الجذور، تُعرف بـ**”استجابة التجمد” (Freeze Response)**. لكي يدرك الشخص هذا السلوك، عليه أن يلاحظ رد فعله في المواقف الضاغطة: هل يجد نفسه صامتاً، مشلول الحركة، وغير قادر على الرد؟ هذا ليس ضعفاً، بل هو ذاكرة جسدية. المواجهة تبدأ بالوعي الذاتي: أن يدرك أن هذا رد فعل قديم، لا يعكس ضعفه الحالي. ثم، عليه أن يتعلم التنفس العميق لتنشيط الجهاز العصبي اللاودي، مما يساعده على استعادة السيطرة تدريجياً.

فأفاد الدكتور بأن “صعوبة اتخاذ القرار” هي نتيجة مباشرة لعدم بناء الثقة بالنفس في مرحلة الطفولة. للتغلب على هذا التردد المستمر، نصح بالبدء بقرارات بسيطة جداً، مثل اختيار ما سيرتديه، ثم زيادة حجم القرارات تدريجياً. الأهم هو أن يسمح الشخص لنفسه بارتكاب الأخطاء، فليس هناك قرار خاطئ، بل قرار يمكن تعديله، وهذا يعيد بناء الثقة في قدرته على الاختيار.

وأضاف الدكتور أن “تجاهل المشاعر” هو أحد أخطر علامات الصدمة، إذ يؤدي إلى الإرهاق النفسي والاحتراق الوظيفي. على المدى الطويل، قد يتسبب في أمراض جسدية. الشخص الذي يهمل مشاعره يتعلم أن قيمته مرتبطة بما يقدمه للآخرين. العلاج يبدأ بتعلم كلمة “لا”، وتخصيص وقت للاعتناء بالنفس.
فأكد دكتور أحمد أن كسر نمط “تحمل الإساءة” يبدأ بالاعتراف بأن الإساءة ليست خطأه، ثم عليه أن يتعلم الدفاع عن نفسه بوضع حدود واضحة. يجب أن يحدد ما هو مقبول وما هو غير مقبول في علاقاته، ولا يخاف من التعبير عن غضبه أو حزنه، فهذه المشاعر طبيعية وصحية.

وناقش الدكتور أن غياب الخصوصية في الطفولة يجعل الشخص ينمو معتقداً أن حياته ملك للجميع. لكسر هذا النمط، يجب على الشخص أن يبدأ بتحديد مساحة شخصية لنفسه. يمكنه أن يطلب من الآخرين احترام وقته، أو أن يقول “لا” عندما لا يكون قادراً على تلبية طلباتهم.

وفى شرح مبسط قال الدكتور أن الشعور بـ”تحمل مسؤولية مشاعر الآخرين” ينشأ عندما يُحمل الطفل مسؤولية عاطفية تفوق عمره. وللتخلص من هذا الشعور، على الشخص أن يدرك أن مشاعر الآخرين هي مسؤوليتهم وحدهم. لا يمكنه التحكم في سعادتهم أو حزنهم، ودوره هو أن يكون داعماً لا منقذاً.
وأوضح الدكتور أن “الهروب وتجنب المواجهة” هو آلية هروب من الألم. لتعليم الأبناء المواجهة، يجب أن يكون الوالد أو الوالدة قدوة. لا يهربان من المشاكل، بل يواجهانها بهدوء وحوار. يسمحان لهم بالتعبير عن رأيهم دون خوف من العقاب، ويعلمانهم أن الحوار هو الحل وليس الهروب.

وأضاف دكتور أحمد أن أهم نصيحة يقدمها للآباء والأمهات لكسر حلقة صدمات الطفولة هي الوعي والاعتراف. عليه أن يعترف بآلامه دون خجل، ويعلم أنه ليس ما حدث له، بل هو ما يختاره أن يكون. ثم، يمنح أبناءه ما لم يحصل عليه: حق الاختيار، الاحترام، والحب غير المشروط. عليه أن يكون لهم ملاذاً آمناً بدلاً من أن يكون مصدراً للخوف. الاحتواء والحب هما أفضل هدية يمكن تقديمها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock