تظهر ملامح تحولات جوهرية فى المشهد السياسى مع انتخاب قائد الجيش جوزيف عون رئيسا للجمهورية اللبنانية
حيث تتجه الأنظار الآن إلى اختيار رئيس الحكومة الجديد.
وتفتح هذه العملية بابًا لتغير ميزان القوى التقليدى فى لبنان وسط تنافس داخلى حاد وضغوط إقليمية ودولية.
يرى مراقبون أن انتخاب جوزيف عون شكل أول انتصار سياسى للمعارضة اللبنانية
ضد ثنائى حزب الله وحركة أمل فى ظل تراجع التأثير الإيرانى
وسقوط نظام بشار الأسد فى سوريا.
وفى هذا السياق أشار الكاتب والباحث السياسى قاسم قصير خلال حديثه أن التطورات فى لبنان تشمل الحرب على لبنان
وسقوط الرئيس بشار الأسد مما يعكس مرحلة جديدة من تراجع نفوذ حزب الله رغم بقاء دوره الأساسى كممثل للطائفة الشيعية.
يشير قصير إلى وجود معيارين أساسيين لاختيار رئيس الوزراء:
الدور الخارجي العربي والدولى والتوافق الداخلى. ويبدو أن التحدى الأساسى يكمن
فى تحقيق هذا التوافق خاصة مع الانقسام الحاد بين من يدعم إعادة تكليف نجيب ميقاتى ومن يطالب بوجوه جديدة.
المعارضة اللبنانية الممثلة بعدد من النواب المستقلين تصر على رفض تسمية ميقاتى معتبرة إياه امتدادا للمرحلة السابقة.
وأوضح النائب المستقل مارك ضو أن إسقاط تسمية ميقاتى لرئاسة الحكومة المقبلة فى أولوية المعارك مما يعكس رغبة المعارضة فى دعم العهد الجديد بوجوه سياسية تتماشى مع خطاب القسم لرئيس الجمهورية المنتخب الذى أكد أن مهمته بناء الدولة وليس السياسة
مع غياب توافق واضح على شخصية بعينها برزت أسماء متعددة لتولى رئاسة الحكومة منها النائب فؤاد مخزومى الذى لم يحظَ بدعم واسع حتى الآن والنائب إبراهيم منيمنة الذى يرى أن هذه المرحلة يجب أن تكون متماهية مع خطاب القسم بالإضافة إلى ذلك أعرب النائب والوزير السابق أشرف ريفى عن استعداده لتولى المنصب مشددا على أن ميقاتى ينتمي للمرحلة السابقة التى يرفضها الجميع.
أكد قاسم قصير على الدور السعودى والأميركى والفرنسي والقطرى والمصرى فى وصول جوزيف عون إلى الرئاسة مما يشير إلى أن عملية اختيار رئيس الحكومة لن تكون بمنأى عن هذه التأثيرات.
ويبدو أن الغرب يراقب عن كثب تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وتطبيق القرار الدولي 1701 مع وعود أميركية وسعودية بمتابعة ملف الإعمار الذى يعتبر من الأولويات الحالية.رغم تراجع دوره النسبي، لا يزال حزب الله لاعبا أساسيا فى الساحة اللبنانية حيث أشار قصير إلى أن موضوع السلاح لن يكون الأولوية فى المرحلة القادمة إلا أن التحدى الأكبر يكمن فى إعادة ترتيب الوضع الداخلى للحزب والتعامل مع الأزمة الاقتصادية التى أثرت على مؤسسات الدولة.
مع اقتراب موعد الاستشارات النيابية لتسمية رئيس الحكومة يبقى المشهد اللبناني مفتوحًا على جميع الاحتمالات. فبين معارضة تسعى لتغيير جذرى وثنائى حزب الله وأمل الذى يتمسك بالنفوذ، ودور خارجي يسعى لتوجيه المرحلة يبدو أن لبنان يدخل مرحلة جديدة من التحولات السياسية.
ويبقى السؤال الأهم: هل ستنجح القوى اللبنانية فى تحقيق التوازن المطلوب، أم أن الانقسامات الداخلية ستستمر فى عرقلة بناء الدولة؟.