الفراق.. وآه منه ذلك القاتل الصّامت، والقاهر المميت، والجرح الذي لا يبرأ ابدا .. نغدو ونصبح ونعمل ونندمج فى الحياة وشقاؤها ونصبر ونصبر رغم لحظات الضعف التي تلاحقنا من حينٍ إلى آخر.. والنفس الضعيفة الهشة التي لا تتحمل فكرة عدم وجود من كانوا لا يفارقوها أبدا ، لم نستطيع أن نتعود على ذلك مطلقاً،
نحاول قدر جهدنا أن نعتاد الحياة بدونهم وقد تنتهي تلك المحاولات بالفشل كل ليلة .
كم تمنينا البوح لهم بأنهم في بؤرة القلب وعمقه ،ولكن تركناهم يرحلوا دون أن نخبرهم كم أن الحياة بدونهم غُربة وكم أنهم كانوا سَكناً لأرواحنا التائهة.. فراقهم كفرط العِقد من حِليَتِهِ ..تناثرت حبَّاته ولم يعد له معنى ؛ «الفراق» هو انفصال الروح عن الروح يحول الذّكريات
إلى لهيب من الشوق والحنين ينهش القلب نهشاً .
فأقفز مهرولةً إلى مراجعي وأبحث عن الاستشفاء من قدوتنا ونبينا عليه صلوات الله وسلامه ،
فأجد أمامي ذلك الحديث حين قال «احبب من شئت فإنك مفارقه وعش ما شئت فإنك ميت »
وها هنا تسكن كل الاوجاع وتهدأ الروح فأرنو بأعيني إلى الاعلى وكُلّي رجاء ، وانتظر ذلك اللقاء الموعود .
ثم تظهر خيوط الصبح ولم تغمض عيناي الا قليلا لتستمر الحياة وأعود لتلك التروس التى لم استطيع توقيفها، وأسحب بقوة تلك السلاسل المعقودة فى رقبتي حتى لا أفقد عزيز جديد .



