
الحمد لله المحمود على كل حال، ونعوذ بالله من حال أهل الضلال، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الكبير المتعال، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله جبله ربه على جميل الفعال وكريم الخصال، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه خير صحب وآل والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم المآل، ثم أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية كما جاء في كتب الفقه الإسلامي أنه مما يكفر الله به الخطايا المصائب فإنه لا يصيب المؤمن من هم ولا غم ولا أذى، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله عنه بها خطاياه، وهي إما فوات محبوب، أو حصول مكروه بدني أو قلبي، أو مالي، داخلي أو خارجي، لكن المصائب بغير فعل العبد، فلهذا أمره بما هو من فعله، وهو أن يتبع السيئة الحسنة، ثم لما ذكر حق الله وهو الوصية بالتقوى الجامعة لعقائد الدين وأعماله الباطنة والظاهرة.
حيث قال رسول الله صلي الله عليه وسلم “وخالق الناس بخلق حسن” وعن عبد الله بن عمرو أن معاذ بن جبل أراد سفرا فقال يا رسول الله أوصني قال أعبد الله ولا تشرك به شيئا قال يا رسول الله زدني قال إذا أسأت فاحسن قال يا رسول الله زدني قال إستقم ولتحسن خلقك، ورغب الإسلام في الخلق الحسن، وأول الخلق الحسن أن تكف عنهم أذاك من كل وجه، وتعفو عن مساوئهم وأذيتهم لك، ثم تعاملهم بالإحسان القولي والإحسان الفعلي وأخص ما يكون بالخلق الحسن سعة الحلم على الناس، والصبر عليهم، وعدم الضجر منهم، وبشاشة الوجه، ولطف الكلام والقول الجميل المؤنس للجليس، المدخل عليه السرور، المزيل لوحشته ومشقة حشمته، وقد يحسن المزح أحيانا إذا كان فيه مصلحة، لكن لا ينبغي الإكثار منه وإنما المزح في الكلام كالملح في الطعام.
إن عدم أو زاد على الحد فهو مذموم، ومن الخلق الحسن أن تعامل كل أحد بما يليق به، ويناسب حاله من صغير وكبير، وعاقل وأحمق، وعالم وجاهل، فمن إتقى الله، وحقق تقواه، وخالق الناس على إختلاف طبقاتهم بالخلق الحسن فقد حاز الخير كله لأنه قام بحق الله تعالي وحقوق العباد ولأنه كان من المحسنين في عبادة الله، المحسنين إلى عباد الله، وعن عكرمة رضي الله عنه عن أبي هريرة أن أعرابيا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستعينه في شيء قال عكرمة أراه قال في دم فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا ثم قال أحسنت إليك ؟ قال الأعرابي لا ولا أجملت فغضب بعض المسلمين وهموا أن يقوموا إليه فأشار النبي صلى الله عليه وسلم أن كفوا فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم وبلغ إلى منزله دعا الأعرابي إلى البيت فقال له إنك جئتنا فسألتنا فأعطيناك.
فقلت ما قلت فزاده رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا فقال أحسنت إليك ؟ فقال الأعرابي نعم فجزاك الله من أهل وعشير خيرا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم إنك كنت جئتنا فسألتنا فأعطيناك فقلت ما قلت وفي نفس أصحبي عليك من ذلك شيء فإذا جئت فقل بين أيديهم ما قلت بين يدي حتى يذهب عن صدورهم قال نعم قال فحدثني الحكم أن عكرمة قال، قال أبو هريرة فلما جاء الأعرابي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن صاحبكم كان جاءنا فسألنا فأعطيناه فقال ما قال وإنا قد دعوناه فأعطيناه فزعم أنه قد رضي أكذلك ؟ قال الأعرابي نعم فجزاك الله من أهل وعشير خيرا، قال أبو هريرة رضي الله عنه فقال النبي صلى الله عليه وسلم “إن مثلي ومثل هذا الأعرابي كمثل رجل كانت له ناقة فشردت عليه فاتبعها الناس فلم يزيدوها إلا نفورا.
فقال لهم صاحب الناقة خلوا بيني وبين ناقتي فأنا أرفق بها وأعلم بها فتوجه إليها صاحب الناقة فأخذ لها من قتام الأرض ودعاها حتى جاءت وإستجابت وشد عليها رحلها وإستوى عليها وإني لو أطعتكم حيث قال ما قال لدخل النار” رواه البزار وقال هذا الحديث لا نعلمه يُروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد.



