فن وثقافة

محمود عامر.. سر المشاركة في عمل إذاعي وطني يثير التساؤلات قبل أن يكشف الحقيقة

الكاتب والناقد الفني عمر ماهر

أحيانًا بيظهر فنان بكلمات بسيطة لكن وراها رسائل كبيرة، كلمات تخلّي الناس تقف وتفكّر: هل الفن مجرد وسيلة للتسلية ولا أداة حقيقية لحماية الهوية وتخليد البطولات؟ في وسط زحمة السوشيال ميديا والأخبار اليومية، فاجأ النجم المصري محمود عامر جمهوره بمنشور مختلف تمامًا، منشور مليان عمق وفخر، وكأنه بيعلن رسالة وطنية جديدة بتقول إن الفن ما ينفعش يبقى بعيد عن القضايا الكبرى للوطن.

محمود عامر كتب بمنشوره: “تشرفت بالاشتراك في هذا العمل الوطني في الإذاعة المصرية، شبكة البرنامج العام، من إبداع الصديق رضا سليمان، مع نجمات قيمة وقامة في الفن، وبكره أحلى بإذن الله.” كلمات قصيرة لكنها محمّلة بمعنى كبير، معنى الانتماء والفخر بالوطن، ومعنى إن الفنان الحقيقي بيدوّر دايمًا على مشروع يبقى له قيمة ورسالة مش بس شهرة.

الاحتفال بذكرى أكتوبر المجيدة من خلال الفن

في جزء تاني من منشوره، كشف محمود عامر تفاصيل أوضح، وقال: “أصدقائي الأفاضل: يسعدني المشاركة في الاحتفال بانتصارات أكتوبر المجيدة واحتفالات الإذاعة المصرية بهذا الحدث العظيم، من خلال مسلسل (أم البطل) (30 حلقة * 15 دقيقة لكل حلقة)، بالتعاون بين الإذاعة المصرية والشؤون المعنوية بالقوات المسلحة، بداية من أول أكتوبر وطوال الشهر، في تمام الساعة السابعة والربع مساء.”

الرسالة هنا أعمق من مجرد إعلان عن عمل إذاعي جديد، لأنها بترجعنا لفكرة إن الفن مش مجرد رفاهية، لكنه شريك أصيل في صياغة الذاكرة الوطنية. محمود عامر ما اختارش مسلسل درامي عادي، لكنه اشترك في عمل بيوثّق انتصارات أكتوبر، الحدث اللي غيّر وجه المنطقة كلها. وده في حد ذاته تأكيد إن الفن سلاح، وإن الإذاعة، رغم إن كتير شايفينها وسيلة قديمة، لسه بتقدر تعيش وتوصل رسالتها لكل بيت.

أم البطل.. قصة مصر كلها

العمل اللي بيشارك فيه محمود عامر مش مجرد مسلسل إذاعي، لكنه شهادة حيّة على إن وراء كل بطل في أكتوبر قصة إنسانية بتستحق تتقال. النص بيقول: “حيث تحكي [أم البطل] مصر [سميرة عبدالعزيز في النصف الأول / مديحة حمدي في النصف الثاني] كل يوم بطولة لابن من أولادها الأبطال (قصص جديدة). ويشاركهما الحكاية الفنان محمود عامر.. نقدم بطولات لم تقدم إعلاميًا من قبل، جوانب حياتهم الإنسانية والاجتماعية.. أبطال أكتوبر.. شباب وقادة.. كانت لهم حياتهم الأسرية.. معيشتهم الخاصة.. خلف كل بطل قصة ورواية كاملة.”

القيمة الفلسفية هنا إن الانتصار مش مجرد عمليات عسكرية، لكنه كمان حياة ناس عاديين اتحوّلوا لأبطال استثنائيين. وده بيفكّرنا إن البطولات الحقيقية ما بتتولدش من الفراغ، لكنها نتاج بيئة، وعيلة، وأم بتربي ابنها علشان يبقى “بطل”. عنوان “أم البطل” نفسه بيحمل رسالة قوية: إن الأم هي صانعة البطولة الأولى، وإن النصر ما كانش بس مجهود جندي أو قائد، لكنه كان نتيجة بيت كامل بيبني بطل.

الفن بين الذاكرة والهوية

لما محمود عامر يكتب: “مسلسل إذاعي بشكل جديد.. كتابة وإخراج ومونتاج رضا سليمان.. تحياتي ومحبتي.”، فهو مش بيقدّم شكر عادي، لكنه بيأكد إن الفن الوطني محتاج فريق عنده نفس الرؤية. “أم البطل” مش مجرد مسلسل إذاعي، لكنه تجربة متكاملة بتعيد الاعتبار لفكرة إن الإذاعة ممكن تخلق عمل وطني بجد، بعيد عن الضوضاء والسطحية.

والأهم إن العمل ده مش بس حكايات قديمة، لكنه إعادة كتابة للذاكرة الجماعية علشان الأجيال الجديدة تعرف إن وراء كل نصر في أكتوبر فيه دموع أم، وفرحة أسرة، وتضحيات ناس عاشوا حياتهم العادية لحد ما لحظة التاريخ نادتهم، فاستجابوا.

لماذا تصدّر محمود عامر المشهد؟

منشور محمود عامر كان الشرارة اللي خلت كتير من جمهوره يفتحوا النقاش عن دور الفن في إحياء التاريخ الوطني. هل يكفي إننا نفتكر أكتوبر بالخطابات الرسمية؟ ولا لازم يبقى عندنا أعمال فنية توصل الجيل الجديد بالبطولات دي؟ التفاعل مع منشوره أثبت إن الناس عطشانة لنوعية مختلفة من الفن، الفن اللي يجمع بين الإبداع والرسالة الوطنية.

كلمات محمود عامر “بكره أحلى بإذن الله” مش مجرد جملة تفاؤلية، لكنها فلسفة كاملة، لأن اللي بيفتكر تضحيات الماضي بوعي، هو اللي بيقدر يبني مستقبل أحلى.

الفن ذاكرة الأمة

محمود عامر بمنشوره البسيط فتح باب كبير للتأمل في معنى الفن ودوره. “أم البطل” مش مجرد عمل إذاعي هيُعرض في أكتوبر، لكنه دعوة لإعادة النظر في تراثنا، دعوة إننا ندي أبطالنا حقهم من الحكايات والدراما، دعوة إننا نكتب تاريخنا بأدوات الفن قبل ما يكتبه غيرنا بشكل ناقص أو مشوّه.

والأهم إن مشاركته بتؤكد إن الفنان الحقيقي مش بيدور على أضواء بس، لكنه بيدوّر على قيمة، على رسالة، على مشروع يفتخر بيه قدام الأجيال. محمود عامر اختار يكون جزء من مشروع بيوثّق الأم المصرية كرمز للبطولة، وده في ذاته رسالة وطنية عميقة بتقول: “وراء كل نصر أم، ووراء كل بطل حكاية تستحق تُحكى.”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock