صحف وتقارير

ميناء دوراليه..مصر تدير شريان إثيوبيا التجارى فى جيبوتى

بقلم احمد شتيه  باحث فى الشأن الاستراتيجي والامن القومى 

 

فى خطوة تعكس عمق الرؤية الاستراتيجية المصرية، أعلنت مصر إدارتها لميناء دوراليه فى جيبوتى، وهو واحد من أهم الموانئ فى منطقة القرن الإفريقى، والذى يمثل حلقة وصل محورية بين التجارة العالمية عبر البحر الأحمر والمحيط الهندى.

 

تأتى هذه الخطوة ضمن خطة مصر لتعزيز حضورها الاقتصادى واللوجيستى فى إفريقيا، عبر تطوير الموانئ والبنية التحتية المرتبطة بخطوط التجارة ، فميناء دوراليه يمثل بوابة حيوية لنقل السلع من وإلى شرق القارة، ويمنح مصر ميزة تنافسية فى إدارة حركة البضائع، إلى جانب فتح أسواق جديدة أمام الشركات المصرية.

 

إدارة مصر للميناء لا تنعكس فقط على الجانب الاقتصادى، بل تمتد إلى أبعاد سياسية ودبلوماسية، إذ يرسخ هذا الاستثمار مكانة القاهرة كفاعل محورى فى القارة، وقادر على التأثير فى معادلة الأمن البحرى بالبحر الأحمر ، كما يعزز التعاون مع جيبوتى، الدولة ذات الموقع الاستراتيجى، ويجعل مصر شريكاً رئيسياً فى خطط التنمية هناك.

 

هذا التواجد يعكس عودة قوية لمصر إلى قلب إفريقيا عبر أدوات القوة الناعمة والاقتصاد، وهو امتداد لدورها التقليدى كجسر يربط بين الشمال الإفريقى والعمق الإفريقى.

إدارة ميناء بهذا الحجم تضع مصر فى دائرة اللاعبين الرئيسيين القادرين على التحكم فى مسارات التجارة، وتمنحها مكانة متقدمة فى مشروعات “الممرات اللوجستية” الإفريقية.

 

من أبرز الرسائل غير المباشرة لهذا التحرك، تأثيره على إثيوبيا التى لا تمتلك منفذاً بحرياً وتعتمد بشكل شبه كامل على ميناء دوراليه فى صادراتها ووارداتها ، وبالتالى، فإن إدارة مصر للميناء تمنحها ورقة ضغط اقتصادية مهمة فى علاقتها المعقدة مع أديس أبابا، خاصة فى ظل الخلافات حول ملف سد النهضة.

ورغم أن القاهرة تؤكد أن هدفها تنموى بالأساس، فإن البعد الاستراتيجى يظل حاضراً بقوة فى أذهان المراقبين.

 

إن إدارة مصر لميناء دوراليه ليست مجرد صفقة استثمارية، بل هى خطوة مدروسة تعكس سياسة مصرية واعية تسعى لاستعادة نفوذها الإفريقى عبر الاقتصاد والموانئ، بدلاً من الاكتفاء بالأدوار التقليدية.

وهى رسالة واضحة بأن مصر لا تزال قادرة على صياغة المعادلات فى محيطها الإقليمى، وأنها تدرك جيداً أهمية البحر الأحمر والقرن الإفريقى كمفاتيح للأمن القومى ولتعزيز دورها كقوة إقليمية وعمق استراتيجى للقارة السمراء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock