تأليف؛ آلان دونو
ترجمة: مشاعل عبدالعزيز الهاجري
يرى آلان دونو في كتابه “نظام التفاهة” أن العالم المعاصر لم يعد يُدار بالكفاءة أو النزاهة أو العمق الفكري، بل أصبح خاضعًا لقواعد “الرداءة” و”التفاهة”.
هذه ليست مجرد ظواهر عابرة، بل نظام متكامل يفرض نفسه على الاقتصاد والسياسة والتعليم والثقافة.
إنّه نظام يعيد تعريف النجاح استنادًا إلى القدرة على الامتثال للقواعد السطحية والبيروقراطية، بدلًا من الإبداع والتميز.
المحاور الرئيسية
1. ولادة نظام التفاهة
يوضح دونو أنّ “التفاهة” لم تظهر فجأة، بل هي نتاج تحولات اقتصادية واجتماعية مرتبطة بالعولمة والنيوليبرالية.
تم اختزال القيم الإنسانية الكبرى (مثل العدالة، الحرية، الحقيقة) إلى شعارات فضفاضة، فيما أصبحت المصالح الضيقة والنجاحات الشكلية هي المقياس.
بهذا يصبح النظام أقرب إلى “إدارة بلا معنى”، حيث يتحكم في التفاصيل الصغيرة ويُهمّش التفكير النقدي.
2. السياسة كإدارة تقنية بلا أفق
يرى المؤلف أن السياسة فقدت بعدها الفلسفي والأخلاقي، وتحولت إلى إدارة محاسبية للأزمات.
السياسيون لم يعودوا قادة ذوي رؤى، بل “مديرون” يكررون ما يُطلب منهم.
3. الاقتصاد: من الإنتاج إلى المضاربة
الاقتصاد، وفق دونو، أصبح مرادفًا للمضاربات المالية والربح السريع، لا للإنتاج أو الإبداع.
الشركات العملاقة تفرض منطقها على الحكومات، بينما يذوب العامل والمستهلك في شبكة من القروض والاستهلاك.
4. الجامعة وثقافة البحث العلمي
الجامعات لم تعد فضاءً للتفكير الحر، بل تحولت إلى مصانع لإنتاج شهادات معيارية تخضع لآليات السوق.
البحث العلمي صار موجَّهًا نحو المشاريع الممولة، لا نحو المعرفة لذاتها.
بهذا تنشأ أجيال من “الخبراء” الذين يجيدون تكرار النماذج، بدلًا من “المفكرين” الذين يسعون إلى إبداع معرفة جديدة.
5. الإعلام وصناعة الرأي العا
الإعلام يؤدي دورًا محوريًا في تثبيت نظام التفاهة عبر التركيز على الإثارة والسطحية بدل العمق والتحليل.
صارت الشهرة مرتبطة بمدى القدرة على إثارة الجدل اللحظي، لا بمدى القيمة الفكرية أو الأخلاقية.
الخلاصة
نظام التفاهة ليس مجرد نقد اجتماعي، بل هو تشريح عميق لنظام عالمي جديد يقوم على الرداءة. يوضح دونو كيف تسللت التفاهة إلى كل مفاصل الحياة: من السياسة إلى الاقتصاد، ومن الجامعة إلى الإعلام. وفي النهاية، يطرح سؤالًا ضمنيًا: كيف يمكننا استعادة العمق والمعنى وسط هذا الطوفان من السطحية؟