مرَّت على بعضنا لحظات وأوقات في غاية الصعوبة، ولا تنسى من الذاكرة والوجدان، قدمنا فيها على مدار سنوات المعروف والفضل والجميل والإحسان والسخاء والكرم والشهامة والكرامة والجود والمروءة، لناس كنَّا نظنهم أوفياء لا ينسون الفضل والإحسان، ولا ينكرون الجميل والمعروف، ولكننا للأسف الشديد كُنَّا فيهم مخدوعون؛ لأنهم من أصحاب النفاق والخسة والدناءة.
فهؤلاء هم ناكرو الجميل، الذين ينكرون كل جميل ومعروف وإحسان، فهؤلاء لا يعرفون إلّا الأخذ واستغلال الناس الطيبة الكريمة، ولا يستحقون أن تعيش معهم أيام عمرك وحياتك، ولا تضع معهم أوقاتك وجهودك وأموالك، لأنهم لا يملكون القيم الحميدة والأخلاق النبيلةفاتركهم وارحل عنهم قبل أن تخسر أشياء كثيرة، ولا تضع عمرك في خدمة مثل هؤلاء الأشخاص عديمي القيم والأخلاق ناكري الجميل، ولا تفكر فيهم ولا في لومهم، لأنهم يعيشون في مملكة النكران، أصحاب هذه المملكة صفاتهم كلها مذمومة غير محمودة.
فالإنسان الناكر الجاحد تابع لجزور لئيمة تحتقرها منابت الارض انسان لا يفارق الشر عيناه فاصبح كما الغراب يتشائم كل من رآه .ناكر المعروف وجاحد الجميل لا يؤتمن ولا يعاشر فإذا وجد من يسعده اليوم نسى من أسعده أمس فالأصيل لاينسى مافعل من أجله ولو كنت عدوا له ناكر المعروف فهو أحقر من المنافق فلا تجالسه.
وتبقى النفوس الخبيثة خبيثة ولو أعطيتهم من الود أطنانا فسلاما للذين لا ينكرون معروفا ولاينسون صديقاوتحية وألف تحيه للذين لا تبدلهم حياة ولاتفرقهم طرق ولاتغيرهم ظروف.
يقول أحدهم اسوء من المنافق ناكر الجميل اذا وجد البديل نكر الجميل اما الاصيل لن يتخلى عنك مهما كان البديل جميل .
يقول النبي ﷺ من لا يشكر الناس لا يشكر الله كما قال- عليه الصلاة والسلام- من صنع إليكم معروفًا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئوه؛ فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه.
إنكار الجميل أن يكسر الأعمى عصاه بعد أن يبصر، عمال أفنوا زهرة شبابهم والتفاني في خدمة أرباب العمل ويقابلون بالجحود والظلم والنكران .
أي انسانية وأي ضمائر تلك التي أخذتهم العزة بالإثم بالتسلط على الضعفاء والمساكين وإنكار المعروف.
أحقاً الزمن الجميل ذهب ولم يبقى سوى زمن الحسد والغيرة والجحود؟ أين ما تعلمنا وتربينا عليه في المدارس من الدروس عن الوفاء ورد الجميل إلى أهل الجميل
إذا قدّر الله عليك ووقعت في هذا الزمن أول من يقف ضدك هم من أسديت لهم معروف..
وأسوأ الناس خلقًا، من إذا غضب منك جحد فضلك، وأفشى سرك، وتجاهل عشرتك، وافترى عليك بما ليس فيك .
إن خيار الناس من كان منصفاً صادقاً لا تأخذه في الحق لومة لائم ، وإن شرار الناس من كان مائلاً عن الحق إن خاصمته فجر وتلون عليك ونسي ماكان بينكم من معروف وأنكر كل جميل لأنك كنت صادقًا معه ولم تجامله في الحق
أليس من الخسارة والخذلان أن بعض الحيونات والبهائم أعظم وفاءًا من بعض البشر ذوي العقول والافهام؟
وإنه لمن المؤسف والمحزن حقًا أن يُنكر الشخص الفضل والجميل والمعروف الذي قدم له لسنوات طويلة- من الوالدين أو من الأخوة أو من الأصدقاء أو من الاقارب أو من غيرهم- وينسى كل الجهود المبذولة والعطاء المثمر حتى أصبح شخصًا له مكانته في المجتمع.
وكان صاحب الفضل والمعروف يظن بأنه هذا الشخص لن ينساه لما قدمه له من أفعال جليلة ومواقف عظيمة، ساعدته ومكنته ليكون له كيان ومكانة واعتبار، وأنه سيرد له معروفه وفضله بأحسن منه في يوم من الأيام، ولكن بين عشية وضحاها يتفاجئ بتغير الأحوال وينقلب هذا الشخص رأسًا على عقب، ويبدأ في محاربة من أحسن إليه بالأمس، ويكيل عليه التهم والإهانات والسب والشتم والذم والقذف لاتفه الأسباب، ويقلل من قدره واحترامه، ويكون ضده في كل شيء وفي صف أعدائه وخصومه.
هنا يتضح لك جليًا بأن هذا الشخص من مملكة ناكرين الجميل والفضل والمعروف، وبدون تردد أتركه وارحل، لأن معدنه رخيص، ولا يستحق التقدير بعد اليوم، لأن القناع انكشف وظهرت حقيقته، وبانت صفاته على أرض الواقع، وانسلخ من إنسانيته، وهذا ومثل هذا من ناكرين الجميل في زماننا كثر.
تجنبوا أصحاب العقول الصغيرة والنفوس المريضة، وابحثوا دائمًا عن أصحاب النفوس والعقول الكبيرة، التي تنير لكم دربكم بالصدق والوفاء وتمنحكم السعادة والحياة، وكونوا على حذرٍ من العلاقات الاجتماعية الفاسدة التي أصبحت معظمها في زماننا قائمة على المصالح والنفاق والجحود ونكران الجميل والفضل والمعروف، لأن نفوس هؤلاء خسيسة حقيرة لئيمة، أما أصحاب النفوس الكريمة التي لا تعرف الجحود والنكران؛ فهي على الدوام مُعترِفَة لأصحاب الفضل بالفضل والإحسان؛ لأن أصحابها من الصالحين الأوفياء الأتقياء.