دين ومجتمع

هل الإحتفال بالموالد من الدين

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية الكثير عن حكم الإحتفال بالمولد النبوي الشريف، وقد سُئل فضيلة الإمام العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله هل يحلّ للمسلمين أن يحتفلوا بالمسجد ليتذكروا السيرة النبوية الشريفة في ليلة الثاني عشر من شهر ربيع الأول، بمناسبة المولد النبوي الشريف؟ فأجاب رحمه الله قال “ليس للمسلمين أن يقيموا إحتفالا بمولد النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة الثاني عشر من شهر ربيع الأول، ولا في غيرها، كما أنه ليس لهم أن يقيموا أي إحتفال بمولد غيره عليه الصلاة والسلام لأن الإحتفال بالمولد من البدع المحدثة في الدين لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحتفل بمولده في حياته صلى الله عليه وسلم، وهو المبلغ للدين، والمشرع للشرائع عن ربه سبحانه، ولا أمر بذلك.

 

ولم يفعله خلفاؤه الراشدون، ولا أصحابه جميعا، ولا التابعون لهم بإحسان في القرون المفضلة، فعلم أنه بدعة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد” والإحتفال بالمولد ليس عليه أمر النبي صلى الله عليه وسلم، بل هو مما أحدثه الناس في دينه في القرون المتأخرة، فيكون مردودا، وكان عليه الصلاة والسلام يقول في خطبته يوم الجمعة ” أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة ” ويغني عن الإحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم تدريس الأخبار المتعلقة بالمولد ضمن الدروس التي تتعلق بسيرته عليه الصلاة والسلام، وتاريخ حياته في الجاهلية والإسلام في المدارس والمساجد، وغير ذلك، من غير حاجة إلى إحداث إحتفال لم يشرعه الله.

 

ولا رسوله صلى الله عليه وسلم، ولم يقم عليه دليل شرعي” وقال رحمه الله في موضع آخر ” وإحداث مثل هذه الموالد يفهم منه أن الله سبحانه لم يكمل الدين لهذه الأمة، وأن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يبلغ ما ينبغي للأمة أن تعمل به، حتى جاء هؤلاء المتأخرون، فأحدثوا في شرع الله ما لم يأذن به، زاعمين أن ذلك مما يقربهم إلى الله، وهذا بلا شك فيه خطر عظيم، وإعتراض على الله سبحانه، وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم، والله سبحانه قد أكمل لعباده الدين، وأتم عليهم النعمة، فلو كان الإحتفال بالموالد من الدين، الذي يرضاه الله سبحانه لبينه الرسول صلى الله عليه وسلم للأمة، أو فعله في حياته، أو فعله أصحابه رضي الله عنهم، فلما لم يقع شيء من ذلك، علم أنه ليس من الإسلام في شيء، بل هو من المحدثات التي حذر الرسول صلى الله عليه وسلم منها أمته.

 

والقاعدة الشرعية تقول رد ما تنازع فيه الناس إلى كتاب الله وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، حيث قال تعالى ” وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلي الله ” وقد رددنا هذه المسألة، وهي الإحتفال بالمولد إلى كتاب الله سبحانه، فوجدناه يأمرنا بإتباع الرسول صلى الله عليه وسلم فيما جاء به، ويحذرنا عما نهى عنه، ويخبرنا بأن الله سبحانه قد أكمل لهذه الأمة دينها، وليس هذا الإحتفال مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، فيكون ليس من الدين الذي أكمله الله تعالي لنا، وأمرنا باتباع الرسول فيه، وقد رددنا ذلك أيضا إلى سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، فلم نجد فيها أنه فعله، ولا أمر به، ولا فعله أصحابه رضي الله عنهم، فعلمنا بذلك أنه ليس من الدين، بل هو من البدع المحدثة، ومن التشبه بأهل الكتاب من اليهود والنصارى في أعيادهم، وبذلك يتضح لكل من له أدنى بصيرة

 

ورغبة في الحق، وإنصاف في طلبه أن الإحتفال بالموالد ليس من دين الإسلام، بل هو من البدع المحدثات التي أمر الله سبحانه، ورسوله صلى الله عليه وسلم بتركها، والحذر منها، ولا ينبغي للعاقل أن يغتر بكثرة من يفعله من الناس في سائر الأقطار، فإن الحق لا يعرف بكثرة الفاعلين، وإنما يعرف بالأدلة الشرعية، ثم إن غالب هذه الإحتفالات بالموالد مع كونها بدعة لا تخلو من إشتمالها على منكرات أخرى، كإختلاط النساء بالرجال، وإستعمال الأغاني والمعازف، وشرب المسكرات والمخدرات، وغير ذلك من الشرور، وقد يقع فيها ما هو أعظم من ذلك وهو الشرك الأكبر، وذلك بالغلو في رسول الله صلى الله عليه وسلم أو غيره من الأولياء، ودعائه والإستغاثة به، وطلب المدد منه وإعتقاد أنه يعلم الغيب، ونحو ذلك من الأمور الكفرية، التي يتعاطها الكثير من الناس، حين إحتفالهم بمولد النبي صلى الله عليه وسلم وغيره ممن يسمونهم بالأولياء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock