
صدر حديثًا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، ضمن إصدارات سلسلة الألف كتاب الثاني، الترجمة العربية لرواية «هيرلاند: بلد النساء» للكاتبة الأمريكية شارلوت بيركنز جيلمان، بترجمة وتقديم الدكتورة هالة كمال.
وتُعد رواية «هيرلاند» إحدى كلاسيكيات الأدب النسوي العالمي، وتنتمي إلى أدب المدينة الفاضلة (الأدب الطوباوي)، حيث تقدم نقدًا جذريًا للمجتمع الغربي، والأمريكي على وجه الخصوص، في مطلع القرن العشرين، من منظور اجتماعي وإنساني .
وتطرح الرواية نموذجًا تخييليًا لمجتمع نسائي خالص، يقوم على قيم العدالة والتنظيم والرعاية والتكافل، في مقابل القيم الذكورية السائدة آنذاك القائمة على التنافس والصراع والسيطرة .
وتستند الرواية إلى إرث ثقافي وأسطوري واسع، يتجلى في استلهامها لأسطورة الأمازونيات في التراث الإغريقي، إلى جانب إحالات متعددة إلى التاريخ والأسطورة والأدب النسائي العالمي، وعلى الرغم من ترجمة الرواية إلى لغات عدة، فإن هذه هي المرة الأولى التي تصدر فيها بالعربية، ما يمنحها أهمية خاصة للقارئ العربي، ولا سيما المهتمين بالرواية الطوباوية، وعلم الاجتماع، والأنثروبولوجيا، ودراسات الجندر .
وتناقش «هيرلاند» قضايا محورية لا تزال راهنة، من بينها بناء الأسرة والمجتمع، ودور الفرد، ونظم التربية، وتخطيط المدن، والعلاقة بين الإنسان والطبيعة، إضافة إلى التطور العلمي والطبي، وهو ما أسهم في تجدد الاهتمام بالرواية في السنوات الأخيرة، خاصة في سياق دراسات الأدب الطوباوي والخيال العلمي، وكذلك الدراسات البيئية .
وتعود شهرة شارلوت بيركنز جيلمان (1860–1935) إلى أعمالها الفكرية والأدبية التي جمعت بين الكتابة الإبداعية والنشاط الاجتماعي والسياسي، ومن أبرزها قصتها الشهيرة «ورق الحائط الأصفر»، وكتابها المؤثر «النساء وعلم الاقتصاد»، الذي ناقشت فيه العلاقة بين التمييز الاقتصادي ضد النساء وبنية المجتمع، وقد عُرفت جيلمان بدفاعها عن فلسفة إنسانية شاملة، تتجاوز النسوية الضيقة نحو إصلاح اجتماعي أوسع .
صدرت رواية «هيرلاند» لأول مرة عام 1915، ضمن ثلاثية روائية تضم أيضًا «تحريك الجبل» (1911) و«معها في بلدنا» (1918)، حيث تقدم الكاتبة، عبر تقنيات السرد وتعدد الأصوات، رؤية نقدية للمجتمع الأمريكي من خلال مقارنة مباشرة بين العالم الذكوري السائد ومدينة نسائية فاضلة متخيلة، تُطرح بوصفها احتمالًا إنسانيًا بديلًا، لا مجرد حلم طوباوي بعيد المنال .



