ايام قليلة وندخل في صراع الكراسي البرلمانية وانتخابات مجلس النواب ويدخل المرشحون في سباق مع الزمن لتجميع الكتل الانتخابية وحصر الاصوات ، فمنهم من يستخدم المال لشراء الاصوات واستغلال المحتاجين من الناس في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلد من غلاء الاسعار .
ويعتبر المال السياسي هو استخدام الأموال في العمليات الانتخابية والحملات السياسية، ويشكل تهديدًا للديمقراطية لأنه يضعف تأثير المواطن العادي ويمنح المرشحين والممولين ذوي النفوذ قوة غير متناسبة، مما يطمس حقيقة مصادر التمويل ويخلق عدم تكافؤ في الفرص. لمواجهة هذه المشكلة، تضغط الدول لتقليل نفقات الحملات وزيادة الشفافية، لكن يظل ضعف تطبيق القوانين وغياب الإرادة السياسية من أكبر التحديات.
يُعدّ استخدام المال السياسي في الانتخابات من أبرز الظواهر التي تهدد نزاهة العملية الديمقراطية، وتُفرغ مبدأ “صوت المواطن” من محتواه الحقيقي. ففي الوقت الذي يُفترض أن تكون الانتخابات وسيلة لتعبير الشعب عن إرادته بحرية، يتحول المال السياسي إلى أداة لشراء الذمم، والتأثير على اختيارات الناخبين، وإعادة إنتاج الطبقة السياسية نفسها، بعيداً عن معايير الكفاءة والنزاهة.
أصبحت الحملات الانتخابية مكلفة بشكل متزايد، مما يجعل المال هو المحدد الأساسي لقدرة المرشح على التنافس والفوز , وكلما زاد تأثير المال على السياسة، ضعف تأثير المواطن العادي فيها، لأن صانعي القرار السياسيين يتأثرون بالمانحين الأثرياء ورجال الاعمال أكثر ، يظهر المال في شكل تمويل غير شفاف، يصعب معرفة مصدره الحقيقي، مما يؤدي إلى تضليل الناخبين وصعوبة تقييم مصداقية الرسائل السياسية.
في الصعيدتسمع قصصا كثيرة لو صحت لوجب علينا الانتباه والحذر واليقظة، لأن عضوية البرلمان اصبحت تجارة علنية، لمن يملك المال وليس الكفاءة والجدارة وحب الناس ، فكلما زاد نفوذ المال في السياسة، قل تأثير المواطن العادي في العملية السياسية.
كنت أعتقد أن ظاهرة الإسراف في استخدام المال في الانتخابات، مقصور على بعض الأغنياء جدا أو على بعض الدوائر المرشح بها شخصيات عامة، لكن من الواضح أن الأمر تكرر في دوائر أخرى ليست معروفة للإعلام أو الرأي العام، في حين أن أهل هذه الدوائر يعرفوها جيدا، ويتحدثون عنها بصورة واضحة.
من حق كل مرشح أن ينفق ماليا للفوز بمقعد في البرلمان، طالما أن ذلك في حدود ما نص قانون مباشرة الحقوق السياسية، الذى يقول إن الحد الأقصى للإنفاق على الدعاية الانتخابية في الجولة الأولى للمرشحين الفردي هو 500 ألف جنيه، وفى حالة الإعادة 200 ألف جنيه ،لكن ما يسير في العمليات الانتخابية من انفاق فيتعدى الملايين سواء في الجولة الاولى او جولة الاعادة .
وجاء استخدام المال السياسي بشكل كبير وغير مسبوق بهذه وبكثافة عالية في دوائر الريف والحضر ، ويتحمل انتشار هذه الظاهرة المرشحين الذين سمحوا لأنفسهم باستخدامه، والناخبين الذين أرتضوا أن تكون أصواتهم بمقابل مادى ،وتقع المسؤلية بصورة مشتركة على المرشح والناخب معا ، لأنهما ساهما في الأضرار بالعملية الانتخابية وصعود مرشحين على حساب الاخرين ، ووصل الحد لفوزهم في الانتخابات ، وبالتالي سيكون انعكاس الأمر خطيرا فى تعاملاتهم القادمة مع أبناء الدوائر الانتخابية.
للأسف هذه الظاهرة انتشرت بشكل كبير خاصة بين المرشحين على المقاعد الفردية، رغم أن هذه الظاهرة قديمة لكن ذادت حدتها في هذه الفترة ، لأنها لم تجد ما يمنع انتشارها ويتصدى لها وهو ما يعيد الأرث الانتخابي السلبى فقد أختفى التزوير الانتخابي الممنهج وظهر بديل قويا عنه ، وهو استخدام المال السياسي وطلاهما يضر بالأداء البرلماني ومستقبل مصر، ما يتطلب حملات توعية للمواطنين حتى لا يساعدوا على انتشارها ، كما تحتاج مواجهة ظاهرة المال السياسي لتشريعات حقيقية وقوية لاستئصالها
نحن نحتاج للنائب البرلماني الحر الذى جاء اختياره بالإرادة الحرة للناخبين دون مال سياسي ورشاوى انتخابية، فالمرشح غير الملتزم بقواعد اجراء الانتخابات تنعكس كليا على كافة ممارساته الانتخابية اللاحقة بعد فوزة بالمقعد النيابي .