
وسط عالم تتسارع فيه الأحداث وتتداخل فيه الأزمات وتحت سماء إقليم مشتعل لا يعرف الاستقرار،
برزت السياسة الخارجية المصرية خلال السنوات العشر الماضية كنموذج للثبات والاتزان وسط موجات متتابعة من التحولات الإقليمية والدولية.
فمنذ عام 2014 وحتى اليوم حرصت مصر على ترسيخ أسس واضحة لتحركاتها الخارجية تقوم على التوازن وحماية المصالح الوطنية والانفتاح المدروس على مختلف القوى الدولية والإقليمية.
لقد أدركت الدولة المصرية أن بحكم موقعها ودورها فرضا عليها ألا تنجرف مع موجات الاستقطاب الحادة التي يشهدها العالم،
بل أن تتخذ مسارا مستقلا قائما على الحكمة والواقعية السياسية بعيدا عن سياسة المحاور أو الاصطفافات الحادة.
وهو ما انعكس في علاقاتها المتوازنة مع القوى الدولية المختلفة وسعيها الدائم للحفاظ على الاستقرار في محيطها الإقليمي.
ويعد مبدأ الاتزان الاستراتيجي أحد أبرز ملامح هذه السياسة، حيث حرصت مصر على تحقيق التوازن بين مصالحها الوطنية والتزاماتها الدولية،
مع الالتزام بثوابت راسخة أهمها احترام القانون الدولي وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول والسعي المستمر نحو حلول سياسية للأزمات بدلا من منطق الصراع والمواجهة.
وفي هذا السياق تأتي أهمية إصدار وزارة الخارجية لكتابين توثيقيين حول تحركات الرئيس الخارجية خلال عشر سنوات وتجربة الدبلوماسية المصرية في تحقيق هذا الاتزان.
فهذه الإصدارات لا توثق فقط للزيارات واللقاءات بل تعكس فلسفة كاملة في إدارة العلاقات الخارجية،
استهدفت استعادة الدور المصري الفاعل في محيطه العربي والإفريقي والدولي.
لقد تحركت مصر خلال هذه السنوات وفق رؤية تعتمد على المرونة السياسية والانفتاح على الجميع شريطة أن تكون العلاقات قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.
وهي الرؤية التي تم التأكيد عليها منذ خطاب تنصيب الرئيس في يونيو 2014، حين ربط طبيعة العلاقات الخارجية بمدى استعداد الشركاء للتعاون بما يخدم مصالح الشعب المصري.
وفي ظل عالم مثقل بالأزمات ومفتوح على احتمالات غير محسوبة تبدو السياسة الخارجية المصرية اليوم قائمة على جناحين: الاعتدال والتوازن.
وهما جناحان جعلا من مصر طرفا فاعلاً في العديد من الملفات الإقليمية والدولية ومساهما في دعم الاستقرار، وحماية توازن المنطقة من الانزل
اق نحو مزيد من الفوضى.



