فن وثقافة

ولو عاد بي العمر

جريدة الصوت

بقلم شيماء محمود امين

في شرفة بيتنا، حيث تعبق رائحة النعناع في الشاي المسائي، وتغمرنا نسائم الذكرى، جلسنا نحن… وحدنا، بعد أن مضى كل شيء وبقي كل شيء.

كم ضحكنا هنا، وكم بكينا…

كم مرة خاصمنا الصمت، وصالحنا النظرات، وكم من ليلٍ ثقيلٍ عبرناه بصمتٍ واحدٍ ووجعٍ مشترك.

أذكر حين ضاقت بنا الدنيا، وحين خذلتنا الأيام، وحين صرنا ظهرًا لبعض رغم تعبنا.

لم تكن الرحلة سهلة… لكنها كانت حقيقية.

أولادنا كبروا، تزوّجوا، ومضوا يبنون أحلامهم، ونحن بقينا، نُرمم ما تهدّم، ونزرع وردًا فوق شقوق العمر.

بقينا لأن بيننا ما لا يُقال، وما لا يُشترى، وما لا يُعوَّض.

لم يكن بيننا حبٌ مُعلّقٌ على الكلمات، بل كان حبًا متكوّنًا من التفاصيل الصغيرة:

من لمسة وقت الحزن، من صبرك على تقلباتي، من خوفك حين أمرض، من يدك التي ما أفلتتني يومًا، حتى عندما كنت لا أستحق.

أحببتك أكثر في تعبك، في صمتك، في لحظات انكسارك، في وقوفك بجانبي دون ضجيج.

كبر الحب فينا، نضج معنا، صار ظلّنا الذي لا يزول.

واليوم… بعد هذا العمر الطويل، بكل أفراحه وأحزانه، بكل خيباته وانتصاراته، بكل ما فقدنا وكل ما احتفظنا به…

أقولها من قلبي:

لو عاد بي العمر ألف مرة… سأختارك أنت في كل مرة.

سأختارك ضهري، سندي، رفيق وحدتي، وأمان قلبي.

سأختارك حبيبي الذي علّمني أن الحب ليس كلمة، بل فعلٌ نعيشه، وتعبٌ نحتمله، ويدٌ لا تترك يدًا… حتى النهاية.

أنت عمري الذي لم أندم عليه أبدًا، وصوتي حين خذلتني الكلمات، ونوري حين أطفأتني الحياة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock