دين ومجتمع

يتيم يخاصم أبا لبابة في نخلة 

جريدة الصوت

 

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الحمد لله ثم الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله كما ينبغى لجلال وجهك وعظيم سلطانك رضينا بالله تعالى ربا وبالاسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وآله وسلم نبيا ورسولا ثم اما بعد يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” كم من عذق معلق في الجنة لأبي الدحداح” قالوا سببه أن يتيما خاصم أبا لبابة في نخلة، فبكى الغلام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم له أعطه إياها، ولك بها عذق في الجنة، فقال لا، فسمع بذلك أبو الدحداح فاشتراها من أبي لبابة بحديقة له، ثم قال للنبي صلى الله عليه وسلم، ألي بها عذق إن أعطيتها اليتيم؟ قال نعم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ” كم من عذق معلق في الجنة لأبي الدحداح” وفائدة هذا الحديث أنه لا يلزم من هذا الموقف أن أبا لبابة رضي الله عنه الذي رفض أن يتصدق ويتنازل عن نخلته كان عاصيا، فإن النخلة كانت حقه وملكه.

 

وقد شقّ عليه خروجه عن ملكه، وربما تضرر بذلك، ولم يلزمه النبي صلى الله عليه وسلم بإعطائها لرجل جاره، أو لليتيم على الرواية الثانية التي ضعفها البعض وإنما ندبه إلى ذلك، ووعده عليها أجرا خاصا في الجنة، ولو علم أبو لبابة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم يطلب منه ذلك على وجه الوجوب والإلزام لسارع إليه دون تردد، ولكنه فهم أن تنازله عن النخلة وصدقته بها كان مندوبا في حقه، وعملا فاضلا، وليس كل من ترك المندوب أو العمل الفاضل يكون مذموما أو آثما، كما أن الرواية المسندة والصحيحة تفيد أن جاره الذي حصل معه الخصام ولم يتنازل له عن نخلته كان رجلا ولم يكن يتيما، أما رواية البيهقي الذي ذكر فيها أن الموقف كان مع طفل يتيم فهي رواية مرسلة، والحديث المرسل من أنواع الحديث الضعيف، وفي هذا الموقف بين النبي صلى الله عليه وسلم.

 

وأبي الدحداح رضي الله عنه فوائد كثيرة، منها أن النبي صلى الله عليه وسلم ربّى أصحابه على حب البذل والصدقة والعطاء طمعا في ثواب الله وفضله وجنته، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” كم من عذق، أي غصن في النخلة، ردّاح أي ثقيل، لأبي الدحداح في الجنة” ومن ثم كان الصحابة رضوان الله عليهم يبذلون ويتصدقون والسعادة تملأ قلوبهم بوعد النبي صلى الله عليه وسلم لهم الأجر العظيم، ومنها هو حسن مناداة الزوج لزوجته، فقد نادى أبو الدحداح رضي الله عنه على زوجته قائلا، يا أم الدحداح، وكذلك حسن الإجابة من الزوجة لزوجها، وتشجيعه والثناء على فعله للخير، فلم تجز أم الدحداح رضي الله عنها ما فعل زوجها فحسب، بل إعتبرت ذلك ربحا وفوزا فقالت لزوجها ” ربح البيع” ومنها جواز إعلان الصدقة وإشهارها والإشهاد عليها.

 

وأن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا مثالا للسخاء والعطاء، وكانوا يختارون أجود أموالهم وأنفسها لتكون صدقة ووقفا لله تعالى، ولقد كان أبو الدحداح رضي الله عنه من المسارعين في الخيرات، والمتسابقين في الباقيات الصالحات، وقد ترك لنا موقفه في صدقته وثناء النبي صلى الله عليه وسلم عليه وتبشيره بالجنة درسا ومثالا عمليا في الجود والسخاء، والبذل والعطاء، وقد مات رضي الله عنه ولكن صدقته ستبقى دافعة للأمة للصدقة والإنفاق في سبيل الله تعالى، فاللهم صلي على محمد ما ذكره الذاكرون الأبرار وصلي على محمد ما تعاقب الليل والنهار وارض اللهم عن أصحاب محمد من المهاجرين والأنصار، اللهم ورحمنا معهم بمنك وكرمك وعفوك يا عزيز يا غفار، اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل، ونعوذ بك ربنا من النار وما قرب إليها من قول وعمل، اللهم كما جمعتنا على هذا الخير والكلام الطيب اجمعنا برحتك في ظلال العرش يا ذا الجلال والإكرام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock