فن وثقافة

الاديب السفاح … الفصل السابع: المنزلق الأخير

 

 

قدمها لكم / سيف محمد كامل
كان الضغط يزداد على رائد وفريقه مع كل جريمة جديدة، كان الوقت يمر سريعًا، ولكن القاتل كان يظل في الظلال، يراقبهم عن كثب، يتجنب الوقوع في الفخ الذي كان ينسجه بنفسه.
كان غموضه يزداد عمقًا، بينما كانت الجرائم تتراكم في سجلات الشرطة، وتظهر المزيد من الرسائل المربكة.
في هذا الصباح، كان رائد يتأمل في آخر الرسالة التي تركها القاتل هذه المرة كانت أكثر تحديًا “أنتَ لستَ ضحية، بل جزء من اللعبة لا أحد ينجو من الفوضى.
حتى الموت ليس نهاية” كانت تلك الكلمات تختزل الكثير من الارتباك والغرابة، وتجعل رائد يعيد التفكير في كل شيء.
في الوقت الذي بدأ فيه رائد يراجع الأدلة، جاء كريم إلى مكتبه يحمل الأخبار الجديدة “القاتل ضرب مجددًا، هذه المرة في حي الزمالك والرسالة التي تركها كانت مرتبطة بنظرية الوجودية.”
“يبدو أن القاتل لم يتوقف عن استخدام الفلسفات العميقة في جرائمه ماذا تقول الرسالة هذه المرة؟” سأل رائد وهو ينظر إلى كريم بعينين متعبتين.
“أرسل اقتباسًا لــ جان بول سارتر: ‘الوجود يسبق الجوهر الإنسان ليس موجودًا حتى يثبت ذاته’ يبدو أنه يريد أن يخبرنا بأننا لا نملك معنى حقيقي لحياتنا إلا من خلال أفعالنا،” أجاب كريم.
رائد سحب نفسًا عميقًا كان القاتل يستخدم الفلسفة كأداة، ولكن لماذا؟ كان السؤال الذي يراوده دائمًا هل القاتل يحاول أن يظهر أن العالم لا معنى له، أم أنه مجرد مجرم يريد خلق الفوضى؟
“هذا الرجل ليس مجرمًا عاديًا،” قال رائد “هو يريد أن يُظهر لنا أن كل شيء حولنا ليس إلا وهمًا، وأن البشر أنفسهم لا يعرفون من هم.”
كان كريم يلاحظ توتر رائد، ويشعر بأن المحقق بدأ يغرق في أفكار القاتل “رائد، لا تدع هذا يأخذك بعيدًا عن الحقيقة القاتل يحاول أن يربكنا بأفكاره، لكننا لا ننسى مهمتنا نحن هنا للقبض عليه.”
كانت الشوارع هادئة عندما وصلوا إلى موقع الجريمة في الزمالك المكان كان يعكس الهدوء، لكن الجريمة كانت مفاجئة جثة امرأة شابة ملقاة على الأرض، وعليها كانت الرسالة الأخيرة.
لم تكن مجرد كلمات، بل كانت تحديًا.
عند فحص الجثة والرسالة، كان هناك شيء غريب بدا وكأن الرسالة قد كُتبت بتوقيع مألوف كان هناك شيء ما في الأسلوب، في الكلمات، يبدو وكأنه يلمح إلى شيء أوسع كريم لاحظ هذا التفصيل وأخذ يتفحص الرسالة عن كثب، ثم التفت إلى رائد قائلاً: “أتعلم، رائد، إن الأسلوب هذا يذكرني بشيء ما… أسلوب الكاتب في روايات الجريمة.”
نظر رائد إلى كريم مستغربًا “كاتب؟ ماذا تعني؟”
“أنا أقصد كاتب معروف في أدب الجريمة، صاحب أسلوب مميز، يدمج الفلسفة مع السرد أنا شخصيًا قرأت معظم رواياته، وقد لفتني أسلوبه في دمج الأفكار العميقة مع الجرائم الرسائل التي يتركها القاتل تشبه الطريقة التي قد يكتب بها هذا الكاتب، خاصة مع اقتباساته الفلسفية.”
رائد كان يتنقل بين تفكير في الجريمة وبين محاولة فهم ما يقوله كريم “ولكن، لم أسمع عن هذا الكاتب من قبل لماذا تعتقد أنه مرتبط بالقضية؟”
“لأنني أحب أدب الجريمة والبوليسية هذا هو شغفي، رائد. وعندما بدأت ألاحظ الرسائل، شعرت أن هناك شيئًا غير عادي فيها الأسلوب قريب جدًا من كتابات هذا الكاتب، من استخدام الفلسفات إلى تصوير الجريمة على أنها جزء من لعبة فكرية أعتقد أنه يمكن أن يكون وراء هذا كله، أو على الأقل، القاتل يتأثر به.”
رائد بدا عليه الشك. “هل تعني أن القاتل هو هذا الكاتب؟”
“لا، لست متأكدًا من ذلك، ولكن من الممكن أن القاتل قد يكون من محبي هذا النوع من الأدب، أو حتى أن الكاتب نفسه له علاقة غير مباشرة بهذه الجرائم قد يكون هو مصدر إلهام لهذا القاتل.”
رائد كان يشعر بتساؤلات تتوالى في ذهنه “إذا كان الأمر كما تقول، فنحن بحاجة إلى معرفة من هو هذا الكاتب، وربما نفهم لماذا يكتب القاتل بهذه الطريقة.”
أخذ كريم نفسًا عميقًا وقال: “أعتقد أنني سأبحث في هذا الموضوع، سأراجع كل ما يمكنني إيجاده عن هذا الكاتب قد يكون المفتاح.”
بينما كان رائد يتفحص المسرح الذي وقعت فيه الجريمة، شعر بشيء غريب. الرسالة لم تكن فقط تحمل فكرًا فلسفيًا، بل كانت تحمل أيضًا تلميحات واضحة لشيء أعمق قد يكون القاتل يستخدم الأدب كوسيلة لتوجيه رسالته وربما كان كريم على حق القاتل قد يكون أكثر ارتباطًا بالأدب مما كان يُعتقد في البداية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock