
لقد اتخذت الحرب المعلنة، التي تشنها إسرائيل على سوريا ولبنان وفلسطين واليمن شكلها المباشر من خلال القصف الجوي والتدخل البري أحياناً وبشكل يومي، بهدف القضاء على قوةٍ من شأنها أن تقف في وجه مشروعها الذي عملت عليه منذ تأسيسها، وهو إقامة إسرائيل الكبرى والهيمنة على المنطقة، بدعم غربي مطلق.
إلا أن التصريحات الإسرائيلية الأخيرة بالتدخل العسكري في سوريا، بحجة حماية أحد مكونات الشعب السوري، والتشجيع على تقسيم سوريا إلى دويلات، لم يسبق أن أخذت هذا المستوى من الوقاحة بالرغم من رفض جميع مكونات الشعب السوري هذه التصريحات المستفزة لوطنيتهم وانتمائهم التاريخي من جهة، ومن جهة أخرى مدى نفاق الكيان الصهيوني الذي يريد إسرائيل عنصرية، وهذا ثابت في الدستور الإسرائيلي الذي ينص بشكل صريح على يهودية الدولة. هذا عدا تعامل اليهود العنصري فيما بينهم تبعاً للدولة التي جاءت منها كلّ جماعة يهودية. أضف إلى ذلك كيفية التعاطي مع أبناء المكون العربي، سواء الدروز أم المسيحيون أم المسلمون، كمواطنين من الدرجة الثانية.
إن العربدة الإسرائيلية، التي تدعو إلى تهجير أهل غزة إلى دول الجوار (مصر والأردن) ودول أخرى، والتدخل الصريح والمباشر في سوريا ولبنان، وتهديد البلدين بالتقسيم، ما هو إلا رسالة واضحة إلى جميع دول المنطقة بالخطر الذي أصبح يهدّد أمنها ومستقبل أجيالها، الخطر الذي لن تسلم منه أيّ دولة مهما كانت بعيدة أو قريبة، الأمر الذي يحتّم على دول المنطقة إعادة تقييم أولوياتها وتوجيه البوصلة بشكل صحيح يتفق مع الخطر الذي يهددها؛ وذلكبحل جميع الخلافات العالقة والنزاعات الدائرة بينها، التي تصب في مصلحةإسرائيل، والتي مكنتها من شنّ حرب الإبادة على غزة والدعوة إلى تقسيم دول المنطقة على أساس إثني بحجة حماية بعض إثنياتها، الإثنيات التي لم تكن يوماً تهم إسرائيل فهي عدوّ لجميع تلك الإثنيات.
من هنا، إن ما أكد عليه رئيس وزراء العراق السيد/ السوداني، من خلال دعوة الرئيس السوري أحمد الشرع لحضور القمة العربية الرابعة والثلاثين المقرر عقدها في بغداد في السابع عشر من أيار الجاري، ما هو إلا خطوة في الاتجاه الصحيح لبناء الثقة بين دول وشعوب المنطقة لمواجهة عربدة إسرائيل، وما هو إلا تأكيد على احترام سيادة الدول بعضها بعضًا، وعلى عدم تدخل دولة في شؤون دولة أخرى، وعلى السعي من أجل خلق تعاون بين دول المنطقةلمواجهة هذا الخطر المحدق بها، فجميعها الآن في دائرة الخطر الذي بات يهدد أمنها.
ومن هنا أيضًا، لا بد من إعادة تشكيل تحالفات دول المنطقة، وأخذ العبرة من النزاعات والخلافات السابقة التي أوصلتها إلى حالة من الضعف لم تشهدها سابقاً.
المستشار / اسعد الهفل