
المستشار/ أسعد محمود الهفل
صادف الأسبوع الفائت مرور 77 عاماً على النكبة الفلسطينية، حيث يُحيِي الفلسطينيون خصوصاً والمسلمون عموماً هذه الذكرى الحزينة لاستيلاء العصابات الصهيونية على ما يقدر بـ 78% من مساحة فلسطين التي كانت تحت الانتداب البريطاني، وإعلان ما يسمَّى قيام دولة إسرائيل، التي بادر إلى الاعتراف بها أكبر دولتين في العالم في حينه “أمريكا والاتحاد السوفييتي”.
لقد مرّ سبعة وسبعون عاماً على تلك المأساة ولم يكن يتوقّع أكثر المتشائمين أن يأتي أسوأ من تلك الذكرى، وأن تتحوّل النكبة إلى حرب إبادة على الشعب الفلسطيني بشكل علني وصريح وعلى مرأى ومسمع العالم أجمع؛ أن تتحول النكبة إلى مأساة لم يشهد التاريخ لها مثيلاً، فلا يمرّ يوم واحد منذ عام ونصف إلا وهناك مئات الشهداء من الأطفال والنساء والشيوخ، ويتمّ تهديم كلّ مقومات الحياة، وتتعرض منشأة الأونروا الخدمية، التابعة لأهم منظمة دولية في العالم، والمحميّة بموجب القانون الدولي، للتدمير، وتنظّم عصابات المتطرفين في إسرائيل المؤتمرات الرسمية التي تدعو إلى تهجير أهل غزة والاستيلاء على ما تبقى من الضفة الغربية، وكلّ ذلك يحدث أمام العالم من دون أيّ خوف أو مراعاة لأبسط حقوق البشر. سبعة وسبعون عاماً مضت على النكبة فما الذي تغيّر على المستوى الفلسطيني والعربي؟ على المستوى الفلسطيني أصبحت أوضاع الشعب في الداخل في أسوأ حالاتها، فمن استطاع التشبث بأرضه بعد النكبة، رغم جرائم العصابات الصهيونية في ذلك التاريخ، يتعرض اليوم للإبادة وبشكل علني وتواطؤ عالمي يدعو إلى الدهشة؛ حيث يعلن قادة الكيان الإسرائيلي عزمهم على أولاً تهجير أهل غزة وثانياً الاستيلاء على الضفة الغربية، التي أصبحت محاطة بالمستوطنات من جميع الجهات. أما على المستوى العربي فتأتي ذكرى النكبة والدول العربية تعاني ما تعانيه من أوضاع غير مستقرة ناجمة عن الصراعات الإقليمية والدولية التي تشهدها الساحة الإقليمية والدولية. إن استمرار نكبة الشعب الفلسطيني وتحويلها إلى حرب إبادة يهدد جميع الدول الإقليمية؛ فقد امتدت آثارها منذ طوفان الأقصى إلى الدول القريبة والبعيدة، وأصبحت إسرائيل تهدد دول المنطقة بالتقسيم، وقد شرعت في تنفيذ تهديدها من احتلال أجزاء من سوريا ولبنان مما يؤكد أنّها كيان لا يستطيع التعايش مع دول وشعوب المنطقة بالرغم من المحاولات الجدية التي اتخذتها دول المنطقة اتجاه السلام. إن حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على غزة اليوم تؤكد المؤكّد وهو أن النكبة مستمرة، وأنها سوف تشمل جميع دول المنطقة، وأنه لن يسلم منها أحد؛ وهذا ما أعلنه نتنياهو أخيراً بكل وضوح من أن إسرائيل تقوم بتغيير معادلات الشرق الأوسط لمصلحتها؛ أي أنها تفرض الهيمنة على جميع الدول، وما كان لها ذلك لولا الصراعات والنزاعات بين دول وشعوب المنطقة التي جاءت كلها لمصلحة هذه العنجهية الإسرائيلية.
المستشار/ أسعد محمود الهفل