
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الذي خلق الإنسان من سلاله وركب بلطف حكمته مفاصله وأوصاله ورباه في مهاد لطفه ثلاثين شهرا حمله وفصاله وزينه بالعقل والحلم وأزال عنه ظلماء الجهاله، فسبحان من إختارهم لنفسه ونعمهم بأنسه وأجزل لهم نواله، ويسّر له مولاه سبيل السعادة وحقق آماله وأجزل نصيبه من التوفيق وقبل أعماله، وأشهد إن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو علي كل شيء قدير أما بعد ذكرت كتب السيرة النبوية الشريفة الكثير والكثير عن أم المؤمنين السيدة أم سلمه رضي الله عنها وإن أم سلمة كان معظم مروياتها في الحديث الشريف في الأحكام وما إختص بالعبادات أساسا كالطهارة والصلاة والزكاة والصوم والحج، وفي أحكام الجنائز، وفي الأدب، وفي ستر العورة، وفي رفع الرأس إلى السماء عند الخروج من البيت، والمرأة ترخي من إزارها ذراعا.
وروت في الأشربة والنهي عن عجم النوى طبخا وخلط النبيذ بالتمر، وفي النكاح، روت زواجها، وفي الإحداد والرضاع كما روت في المغازي، والمظالم والفتن، في الجيش الذي يخسف به، وفي المهدي، وروت في المناقب في ذكر علي وذكر عمار، وهذا يدل على قوة حافظة أم سلمة وإهتمامها بالحديث رضي الله عنها، كما نقل عنها مروياتها جيل من التلاميذ رجالا ونساء، من مختلف الأقطار، حيث روى عنها رضي الله عنها خلق كثير، ولقد صحبت أم المؤمنين السيدة أم سلمة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوات كثيرة وهي غزوة خيبر وفي مكة وفي حصار الطائف وغزوة هوازن وغزوة ثقيف ثم خرجت معه حجه الوداع، ولا ننسى موقفها من عمر بن الخطاب رضي الله عنه حينما جاء يحدثها في شأن مراجعة أمهات المؤمنين لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وإغضابهن له فقالت عجبا لك يا بن الخطاب قد دخلت في كل شيء حتى تبغى أن تدخل بين الرسول الله صلى الله عليه وسلم وأزواجه؟ وبعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ظلت وفية لذاكره شديدة الأسى لفراقه، صوامة قوامة لا تبخل بعلم ولا بحديث عن رسول صلى الله عليه وسلم، وقد روت رضي الله عنها الكثير من الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن زوجها أبى سلمة وعن فاطمة الزهراء رضي الله عنهما، وروى عنها الكثيرون ومنهم أبناؤها وكبار الصحابة والمحدثون، ومن مواقفها المشهودة كذلك موقفها يوم فتح مكة عندنا خرج النبي بجيشه الكبير الذي لم يشهد مثله العرب فخرج إليه مشركو قريش لملاقاته وإعلان توبتهم وإسلامهم، وكان من هؤلاء أبو سفيان بن الحارث بن عبدالمطلب ابن عم الرسول صلى الله عليه وسلم.
وعبدالله بن أبي أمية بن المغيرة ابن عمة الرسول وأخو أم سلمة لأبيها، وعندما استأذنا في الدخول على رسول الله صلى الله عليه وسلم أبى أن يأذن لهما بالدخول لما لاقاه منهما من أذى شديد قبيل أن يهاجر من مكة، فقالت له أم سلمة وهي تستعطفه على ذويها وذوية يا رسول الله ابن عمك وابن عمتك وصهرك، فقال الرسول الله صلى الله عليه وسلم لا حاجة لي بهما، أما ابن عمى فقد أصابني منه سوى وأما ابن عمتي وصهري فقد قال بمكة ما قال، وقد بلغ ذلك أبا سفيان ابن عم الرسول فقال والله ليؤذنن لي أو لآخذن بيد ابنى هذا وكان معه ولد جعفر ثم تستعطفه حتى رق قلب الرسول صلى الله عليه وسلم وأذن لهما بالدخول فدخلا عليه وألما بين يديه وأعلنا توبتها.