في تطور دراماتيكي يُعد من أكثر الأحداث حساسية وخطورة منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، تعرضت عدة مطارات حربية روسية خلال الأيام الماضية لهجمات دقيقة، يُعتقد أنها نُفذت بطائرات مسيّرة بعيدة المدى أو بصواريخ دقيقة التوجيه.
وأسفرت هذه الضربات عن تدمير عدد من الطائرات الاستراتيجية، بما في ذلك قاذفات قنابل تُستخدم في تنفيذ الضربات البعيدة المدى، والتي تُعد من أدوات الردع النووي الروسية ، هذا التطور يثير تساؤلات جوهرية حول تبعاته العسكرية والسياسية، واحتمالات الرد الروسي، وتأثيره على الأمن الدولي والاقتصاد العالمي.
وفقاً لمصادر استخباراتية غربية وتقارير إعلامية متقاطعة، استهدفت الضربات الأخيرة قواعد جوية استراتيجية داخل العمق الروسي، مثل قاعدة “إنغيلس” الجوية في منطقة ساراتوف، التي تُعد موطناً لطائرات من طراز “توبوليف TU-95” و”TU-160″، وهي قاذفات قنابل قادرة على حمل رؤوس نووية ، الهجمات أظهرت أن الدفاعات الجوية الروسية، رغم كثافتها، لم تكن فعالة بشكل كامل في منع وصول هذه التهديدات إلى منشآت بالغة الحساسية.
ما يُميز هذه الضربات أنها لا تحمل فقط بُعداً عسكرياً، بل تُشكل أيضاً رسالة سياسية واضحة لروسيا: أن عمقها الاستراتيجي لم يعد في مأمن. ويُعتقد أن هذه الضربات تحمل توقيعاً أوكرانياً مباشراً أو غير مباشر، بدعم غربي تقني ولوجستي، ما يزيد من تعقيد المشهد ولعل التوقيت يضفي مزيداً من الرمزية، خاصة أنها جاءت بالتزامن مع مؤشرات لتراجع الزخم الروسي في جبهات شرقي أوكرانيا.
من الناحية النفسية والعسكرية، تُعد هذه الضربات إهانة للهيبة الروسية، إذ أنها تُظهر هشاشة الدفاعات حول أصول عسكرية يُفترض أن تكون في مأمن. لكن في المقابل، فإن حجم الرد الروسي لم يتضح بعد، مما يُثير سيناريوهين:
الاول الرد المحدود والمحسوب: قد تلجأ روسيا إلى تنفيذ ضربات نوعية مضادة في الداخل الأوكراني، ربما على منشآت صناعية أو مراكز قيادة، دون تجاوز الخطوط الحمراء التي قد تؤدي إلى مواجهة شاملة مع الغرب.
الثانى التصعيد الكبير: في حال اعتبرت موسكو أن هذه الضربات تجاوزت “الخط الأحمر”، فقد تلجأ إلى تصعيد نووي تكتيكي أو ضربات على دول داعمة لأوكرانيا، وهو ما سيكون تطوراً كارثياً يهدد باندلاع مواجهة عالمية شاملة.
رغم خطورة الحدث، فإن معطيات المشهد تشير إلى أن العالم، بما في ذلك روسيا والغرب، لا يرغب في الانزلاق إلى مواجهة مباشرة ، حلف الناتو ما زال يُرسل إشارات تؤكد أن الدعم لأوكرانيا لا يعني المشاركة المباشرة، وروسيا رغم تهديداتها النووية المتكررة، أظهرت تريثاً واضحاً في استخدام هذا الخيار ولذلك، فإن السيناريو الأقرب هو رد روسي قوي لكن محدود النطاق، يهدف إلى استعادة الردع دون فتح أبواب جهنم على الجميع.
لا يمكن تجاهل الأثر الاقتصادي لهذا التصعيد. فالمخاوف من توسع الحرب تعيد التوتر إلى أسواق الطاقة، وتدفع أسعار النفط والغاز للارتفاع، خاصة إذا تعرضت البنية التحتية للطاقة في روسيا أو أوكرانيا لمزيد من الضرر. كما أن المخاوف من انقطاع سلاسل الإمداد أو تعطل النقل البحري عبر البحر الأسود تُهدد بارتفاع تكاليف الشحن والتأمين على التجارة العالمية.
الهجمات على المطارات الروسية تمثل لحظة مفصلية في الصراع المستمر منذ 2022 فهي لا تُهدد فقط الموازين العسكرية، بل تضرب في عمق العقيدة الاستراتيجية الروسية.
وعلى العالم أن يُراقب تطورات الساعات والأيام القادمة بحذر بالغ ، فإما أن تُشكل هذه الضربات نقطة تحول نحو مفاوضات جادة، أو أن تُفتح معها أبواب مرحلة جديدة أكثر عنفاً وتعقيداً.
في مثل هذه اللحظات، يصبح الخط الفاصل بين “الردع” و”التهور” بالغ الدقة ، فالعالم اليوم لا يتحمل حرباً عالمية ثالثة، لكن تجنبها يتطلب قرارات عقلانية من جميع الأطراف، دون استثناء.