
كتبت منى توفيق
في ظل تطورات متسارعة تشهدها منطقة الخليج العربي، عاد مضيق هرمز إلى بؤرة الاهتمام الدولي، بعد تداول أنباء عن احتمال لجوء إيران إلى إغلاقه ردًّا على هجمات أميركية استهدفت مواقع نووية داخل أراضيها، وفق ما أفادت به وكالة “رويترز” نقلًا عن مسؤولين مطلعين وخبراء في الشأن الإقليمي.
يُعد مضيق هرمز من أكثر الممرات البحرية حساسية في العالم، حيث تمر عبره نحو 17 مليون برميل نفط يوميًا، أي ما يعادل خمس التجارة النفطية العالمية، إضافة إلى كميات كبيرة من الغاز الطبيعي المسال، خصوصًا من قطر. كما تعتمد إيران على هذا المضيق في تصدير أكثر من 80% من إنتاجها النفطي، مما يجعله شريانًا اقتصاديًا حيويًا لها ولجيرانها على السواء.
وبينما لم تُصدر إيران إعلانًا رسميًا بشأن نيتها إغلاق المضيق، إلا أن محللين يرون أن التصريحات المتداولة تحمل طابعًا تهديديًا يهدف إلى الضغط السياسي في مواجهة العقوبات والتدخلات الغربية. ومع ذلك، فإن تنفيذ مثل هذا التهديد سيترتب عليه خسائر فادحة للاقتصاد الإيراني، الذي يعاني بالفعل من ضغوط متصاعدة وتراجع في قيمة العملة وارتفاع نسب البطالة.
دول الخليج كانت قد اتخذت خلال السنوات الماضية خطوات لتقليل الاعتماد على هذا الممر المائي، من خلال إنشاء خطوط أنابيب بديلة، مثل خط “شرق-غرب” في السعودية وخط “أبوظبي-الفجيرة” في الإمارات. إلا أن هذه البدائل لا تزال محدودة القدرة، ولا يمكنها استيعاب كامل الصادرات النفطية في حال إغلاق المضيق بشكل تام.
على الصعيد الدولي، يُحذر خبراء من أن أي إغلاق فعلي لمضيق هرمز سيؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار النفط قد يتجاوز 150 دولارًا للبرميل، مما يهدد بزيادة كلفة الإنتاج والنقل عالميًا، ويدفع بأسعار السلع والخدمات إلى مستويات غير مسبوقة. ومن بين أكثر الدول تضررًا من هذا السيناريو: مصر والأردن، نتيجة اعتمادهم الكبير على استيراد الطاقة.
ورغم أن الخطاب الإيراني يشير إلى استخدام المضيق كورقة ضغط استراتيجية، فإن المجتمع الدولي يتعامل مع هذه التهديدات بجدية، خاصة أن حرية الملاحة في المضائق الدولية تُعد خطًا أحمر لدى القوى الكبرى، وقد يُواجَه أي تعطيل محتمل برد فعل دولي حازم.
في النهاية، يبقى مضيق هرمز نقطة اشتباك حساسة في معادلة الأمن الإقليمي، ويعكس كل توتر حوله مدى هشاشة التوازنات الجيوسياسية، وقابلية المنطقة للاشتعال في حال تزايد التصعيد أو سوء التقدير.