
بقلم – محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل الله فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد إن من مظاهر الهبوط والسقوط في الأرض هم هؤلاء الذين نصبوا هذه الدشوش والأطباق الهوائية على أسطح المنازل والعمارات، فهم لم يسألوا أهل العلم هل يجوز هذا أو لا يجوز؟ فهم لم يسألوا، ولم يفتهم أحد بالجواز، والأصل ألا يقدموا على شيء لا يعلمون حكم الله فيه، وليس لهم من عذر إلا أنهم جهلة هابطون في الأرض كالبهائم، بل البهائم أفضل من عبد لا يسأل عن الله تعالي ولا يتعرف عليه، ولا يعرف محابه ولا مساخطه، ولا يعزم على طاعته في أمره ونهيه، وهذا الطبق الفضائي لما صدرت الفتوي بتحريمه زادوا في نصبه وتركيبة عنادا ومكابرة.
فاعرفوا أمتكم أيها المستمعون فقد هبطنا، ولا ننتظر سوى نقمة الله، ومن يعش يري، ووالله إن لم يتدارك الله تعالي هذه الأمة الإسلامية بتوبة صدق عاجلة لحل بها أكثر مما حل بأجدادها، أيام الإستعمار والإحتلال، فيقول الله تعالي ” وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير” فالنجاة والفوز عند الله تعالي بالعمل لا بالأمنيات، حيث قال تعالى كما جاء في سورة النساء ” ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا ” وهذه آية من سورة النساء، وهي ليست عبثا، بل معناها ليس بأمانيكم أيها المسلمون ولا أماني أهل الكتاب من اليهود والنصارى، بل الأمر هو أنه من يعمل سوءا منكم أو منهم يجز به، فيقول تعالي ” ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا ” ونحن نعمل شر أعمال اليهود والنصارى.
ونقول نحن أهل الجنة، ونحن مسلمون، وهذا ضلال في الفهم، وهذا خطأ، فالله يقول ” ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب ” فقد كان أهل الكتاب يقولون الجنة لنا، فنحن أبناء الأنبياء، ونحن كذا، وكان المسلمون يقولون الجنة لنا، فنحن المسلمون، فحكم الله بينهم فقال ” ليس بأمانيكم ” ويا أيها المسلمون ” ولا أماني أهل الكتاب ” وإنما ” من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا ” فزكي نفسك وطهرها بالإيمان والأعمال الصالحة، وأبعدها عما يدسيها من الشرك والمعاصي، وكن إبن من شئت، أو إنتسب إلى من شئت فستدخل الجنة بالعمل الصالح، أو لوثها وخبثها بالظلم والشر والخبث والشرك والفساد ووالله لو كنت ابن نبي لما نجوت، ولا شممت رائحة الجنة، وهم لا يريدون أن يفهموا هذا وقد بلغنا هذا الأمر الإلهي، وهو قول الحق سبحانه وتعالي.
” والشمس وضحاها” وهذا يمين، ثم زاد وقال تعالي ” والقمر إذا تلاها والنهار إذا جلاها والليل إذا يغشاها والسماء وما بناها والأرض وما طحاها ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها ” والجواب هو ” قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها ” وهذا حكم الله عز وجل فقال تعالى ” إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم ” فلا نسب ولا قبيلة، ولا زمان ولا مكان أبدا، وإنما هو إن زكيت نفسك طابت وطهرت وترقت إلى الملكوت الأعلى، وإن خبثتها ولوثتها بأوضار الذنوب والآثام هبطت كما يهبط غيرك، والمؤمنون لا يقرءون هذه الآيات، ولا يسمعون بها، فيا أيها الأبناء والإخوة، ويا أيتها المؤمنات، اعلموا أن كل مؤمن ومؤمنة منادى من قبل ذي العرش العظيم الله جل جلاله وعظم سلطانه، فبشرى عبد أو أمة يناديه ربه جل جلاله وعظم سلطانه.
والله تعالى لما ينادي العبد من عبيده وهو المؤمن لا الكافر، يناديه إما ليأمره بما يحقق سعادته وكماله، ويهيئه لسعادة آخرته، أو يناديه لينهاه عما يضره وعما يفسده، وعما يرديه ويشقيه في الدنيا وفي الآخرة، أو يناديه ليبشره، فينشرح صدره، وتطيب نفسه، وتعذب حياة الإيمان والطهر في نفسه، أو يناديه ليحذره، ولينذره من عواقب السوء والأضرار المهلكة، ويفعل به هذا لأنه وليه، فالعبد المؤمن ولي الله، وأولياء الله لا يهملهم ولا يتركهم، كما لا يخذلهم ولا يرديهم ولا يشقيهم لأنهم أولياؤه.