الحمد لله رب العالمين حمد الحامدين الشاكرين والصلاة والسلام على البشير النذير المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد إن هناك نوعا من البشر إمتن الله عز وجل عليهم بنعمة العقل فأصبحوا مبدعين ومبتكرين، وتتمثل صفاتهم بجملة من المظاهر في السلوكيات والأنشطة اليومية في البيت ومكان العمل والشارع والنادي وغيرها من مواقع النشاط وقد حدد بعض علماء النفس الصفات الإبداعية في الأفراد في عدة مظاهر نذكر منها النهم إلى المعرفة والإستطلاع الشخصي وفي التجمعات يميل المبدعون غالبا إلى الفضول الإيجابي والبحث وعدم الرضا عن الأوضاع الراهنة طلبا للتجديد والتطوير، وكذلك الإلتزام بهدف سام والتفاني في العمل من أجل الوصول إليه، والقدرة على تقديم الأفكار والإقتراحات المقنعة أو الخطط البديعة.
والتلقائية والمرونة في التعامل والثقة في النفس في العلاقة مع الأفراد والتعاطي مع الأزمات، وإن العمل الجاد يعتبر متعة لدى المبدعين وذلك لقوة الشعور لديهم بإنجاز شيء ما حتى يخلدوا أنفسهم وينزعوا الإعتراف من المجتمع بجهودهم ومكانتهم فضلا عن تحقيق الأهداف، وهنا تكمن أبرز مظاهر الإبداع والخلاقية، كما تكمن أهمية الرعاية والترشيد فإن الفرد المبدع عصامي يعتمد على قدراته وكفاءاته في تحقيق النجاحات لا عظاميا يعيش على عظمة الآخرين ويستفيد من جهودهم، لذلك فإن من حقه علينا أن نرعاه ونرشده لكي يبدع وينتج، وكذلك أيضا تشجيع تبادل الرأي والمشاركة فيه والنقد الذاتي، ويتنزه الفرد المبدع في الغالب عن السلبية والتزلف والنفاق، لأنها مساوئ تتنافى مع شعوره بالثقة وتفكيره المتحرر وطموحه العالي إلى الكمال.
وتحسين الأوضاع وتوجيهها إلى الأفضل، لذلك فإن المبدعين في الغالب يتسمون بالصدق والبحث عن الحقيقة، فيرفضون مواراتها أو تجاوزها فقد ينتقدون المستويات الأعلى إذا وجدوا خللا في أدائهم أو سلوكهم كما يطرحون البدائل الإيجابية ويساهمون فيها فلا يكتفون بالنقد لمجرد النقد بلا تفاعل ومشاركة في تحسين الأوضاع، كما لا يبطنون شيئا ويظهرون خلافه لأن هذه صفات تنشأ من النقص والعجز وهو أمر يتنافى مع الإبداع، وقد يتصف بعض المبدعين بعدم الحكمة أو الخلل في التدبير في مجالات العمل أحيانا لقلة التجربة ونحو ذلك، وهذا أمر طبيعي ويمكن أن يقع في كل مؤسسة لذا فإن المنطق السليم يفرض على القائمين السعي الدائم لوضعهم في صور بعض الأعمال والإستفادة من آرائهم حتى ينضجوا كأفراد مبدعين كما نضمنهم كأصدقاء وعناصر إيجابية صادقة في العمل.
وكذلك أيضا قراءة الماورائيات لدى الإستماع إلى محاضرة أو خطبة أو قراءة فكرة ومراقبة عمل أو سلوك وعدم الوقوف إلى حد الظاهرة من دون تحليل وتعمق، وكذلك الإستقلالية، إذ أن المبدعين يتميزون في الغالب بالتحرر من النزعة التقليدية والتصورات الشائعة ليس حبا بالخروج عن المألوف دائما بل لتطلعهم الدائم وطموحهم العالي في التفكير والتعبير ورسم الأهداف ومن الواضح أن لبعض التقاليد والنمطية أهميتها وحكمتها التي تستدعي إحترامها وعدم تجاوزها، وفي نفس الوقت قد تتحكم بعض النمطيات الجامدة في علاقات العمل فتشكل مانعا قويا أمام الطاقات الإبداعية، لذلك فإن الأفضل هو مراعاة الإبداع بمشاركته في الأدوار العملية حتى يختمر أكثر بالتجارب ويصبح أكثر إنتاجا وأفضل ثمارا، فإن للتجربة والخبرة الدور البارز.
في صياغة عقلية المبدعين الناجحين وإضفاء سلوكهم بالمزيد من التدبير والتوازن، لكي لا يشطوا عن الأعراف الصحيحة والتقاليد القيمة، وهذا هو الذي نقصده من الإستقلالية أي إستقلالية إيجابية وبناءة تقود المجتمع إلى المزيد من التطور والرقي، أما الشذوذ عن الأعراف الصحيحة فهو خروج عن المألوف ولكن في بعده السلبي وهو مرفوض ويؤدي في الغالب إلى عزل أصحابه عن المجتمع ويصبح دورهم عديم التأثير.