تتجدد في القلوب مع اقتراب ذكرى المولد النبوي الشريف مشاعر الحب لرسول الإنسانية صل الله عليه وسلم،
ويتجدد معها النقاش حول معنى الاحتفال: هل هو مجرد مناسبة تاريخية تستعاد بالمديح والحلوى والطقوس؟
أم أنه فرصة أعمق لإعادة قراءة السيرة النبوية بما يلهم حاضرنا ويقود مستقبلنا؟
لو تأملنا بنظرة عقلانية نجد أن المولد النبوي ليس حدثا في التاريخ فقط،
بل مولد فكرة الرحمة التي بعث بها النبي صلى الله عليه وسلم، وفكرة العدل الذي أقام به مجتمعا متماسكا، وفكرة التغيير الذي بدأ من القلوب ليمتد إلى الحضارة.
إنه ميلاد مشروع إنساني متكامل، لم يكن غايته الماضي بل رسم ملامح المستقبل.
الجديد الذي يحتاجه المسلمون اليوم هو أن تتحول ذكرى المولد إلى ورشة وعي مفتوحة:
نستلهم من أخلاق الرسول منهجا في التعامل مع تحدياتنا اليومية.
نستحضر حكمته في إدارة الاختلاف لنواجه انقسامات عصرنا.
نقتدي برؤيته في بناء الإنسان قبل العمران لنضع أولوية التربية والوعي فوق أي مشروع آخر.
بهذا المعنى يصبح الاحتفال بالمولد النبوي الشريف دعوة إلى تجديد علاقتنا بالسيرة النبوية لا كحكايات ماضٍ،
بل كمنهج حياة قادر على إحياء القيم التي افتقدها العالم: الرحمة، التسامح، العدالة، وإعلاء قيمة الإنسان.
فالذكرى الحقيقية ليست في الحلوى و الاحتفالات وحدها،
بل في تحويل المناسبة إلى طاقة عمل و بوصلة هداية، نظهر بها للعالم أن المولد النبوي هو النور الذي لم ينطفئ، وأن رسالته باقية ما بقيت الإنسانية.