
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، وسبحانه أكبره تكبيرا، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأزواجه وذريته الطيبين، وخلفائه والتابعين له بإحسان له إلى يوم الدين أما بعد إن نهضة الأمم والشعوب، تتوقف علي قوتها في إيمانها وفي عملها وفي إنتاجها، وفي إتقانها للعمل، والإخلاص فيه، ولا يمكن أن تتحقق نهضة حضارية لأمة من الأمم إلا بتحقيق عنصرين أساسيين هما عنصر الإيمان، وعنصر العمل، لأن أي نهضة أو حضارة بدون إيمان لا تكون محققة للخير والعمران، بل تكون حضارة مادية لا سلام فيها ولا إستمرار لها، أما حين تقوم النهضة الحضارية علي الإيمان والعمل، فإنها تكون حضارة إعمار وإستمرار، فيا أخي الموظف الحذر الحذر من الإنشغال بأي عمل مهما كان، مهما متى حان وقت الصلاة.
وعليك بارك الله فيك أن تعوّد نفسك على إجابة النداء مبكرا، وأداء الفريضة في وقتها حتى يكون عملك بإذن الله تعالى عونا لك على الطاعة، وتذكر أنه لا خير في عمل يؤخر المسلم عن أداء الفريضة أو يمنعه من إجابة داعي الله جل في علاه، فإذا ما فرغت من ذلك فإياك وإضاعة الوقت فيما لا فائدة منه ولا نفع فيه، وعُد مباشرة إلى عملك حتى لا يتعطل سير العمل، فيا أخي الموظف تذكر غفر الله لك أن جلوسك في مكتبك أو مكان عملك ومحافظتك على مواعيد الحضور والإنصراف وحرصك على أداء عملك بالشكل المناسب عبادة من العبادات وطاعة من الطاعات التي تتقرب بها إلى الله تعالى متى صلُحت نيتك واحتسبت ذلك عند الله جل في علاه، وأسأل الله جلت قدرته أن يصلح الأقوال والأفعال والنيات وأن يكتب لنا ولك التوفيق والسداد والهداية والرشاد.
فكم نتحدث ونرى ونسمع عن ذلك الموظف أو العامل أو المدير أو أي منصب كان وهو يعتدي على مال الوظيفة وممتلكاتها دون وجه حق سواء كان مال خاص أو مال عام في شركة أو وزارة أو مصنع أو مصلحة فأين الأمانة ؟ وقد وضح الرسول صلى الله عليه وسلم كيف يحمل الغالون يوم القيامة ما غلوه في أكثر من حديث، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، فذكر الغلول فعظمه وعظم أمره ثم قال ” لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء، يقول يا رسول الله أغثني، فأقول لا أملك لك شيئا، قد أبلغتك لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته فرس له حمحمة، فيقول يا رسول الله، فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك، لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته شاة لها ثغاء يقول يا رسول الله أغثني،
فأقول لا أملك شيئا قد أبلغتك، لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته نفس لها صياح، فيقول يا رسول الله، أغثني فأقول لا أملك شيئا، قد أبلغتك لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رأسه رقاع تخفق، فيقول يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك شيئا، قد أبلغتك لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته صامت أي الذهب والفضة، فيقول يا رسول الله، فأقول لا أملك لك شيئا، قد أبلغتك ” متفق عليه، فكم نتحدث عن سير العمل في المحاكم وتقصير بعض القضاة ة وتأخيرهم الفصل في قضايا المتخاصمين فالخصوم أمانة في أعناق القضاة، فليرع كل أمانته وليحذر من الخيانة أو الغدر والنكوص على الأعقاب فالويل ثم الويل لمن فرط في أمانته، فإذا كان الأمر كذلك فقد وجب علينا جميعا التذكير والنصح والإرشاد ليقوم كل فرد بواجبه من أجل سلامة مجتمعه وتقدم ورقي وطنه وإزدهار أمته.