عربي وعالميفن وثقافة

مهرجان الوفاء التونسي  في دورته 16..و طبرقة تحتفي بالمسرح العربي

السعيدي محمد

في زمن تتراجع فيه الفنون أمام زحف السطحية، يعود مهرجان الوفاء للمسرح العربي في دورته السادسة عشرة ليؤكّد أن المسرح لا يزال حيًّا، نابضًا، ومُلهِمًا.

من 23 إلى 26 أكتوبر 2025، ستعيش مدن طبرقة وبني مطير وعين دراهم على وقع عروض مسرحية، ورشات تكوينية، لقاءات فكرية، وتكريمات لأسماء صنعت المجد في هذا الفن العريق.

وقد أعلن مدير المهرجان نوار الذويوي، خلال ندوة صحفية، عن تفاصيل برنامج هذه الدورة التي تُنظَّم بدعم من المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بجندوبة، وتحت إشراف جمعية الوفاء للنهوض المسرحي، مواصلًا بذلك مشروعًا ثقافيًا بدأ قبل أكثر من عقد ونصف، وظلّ وفيًّا لجوهره: مسرح يعبّر عن الناس، يحاورهم، ويُربّي فيهم الجمال والفكر.

تنطلق فعاليات المهرجان يوم الخميس 23 أكتوبر بمدينة طبرقة، حيث سيتم تدشين معرض معلقات المهرجان في فضاء الوفاء للنهوض المسرحي، يليه حفل الافتتاح الرسمي بنزل الميموزا، الذي سيُتوّج بتكريم مديري المهرجانات الدولية بطبرقة، تقديرًا لما بذلوه من جهود في خدمة الفن الرابع.

السهرة الافتتاحية ستكون مع عرض كوميديا موسيقية بعنوان “الست” للمخرجة نهلة خليل من مصر، في احتفاء بالتجربة النسوية في المسرح العربي.

أحد أبرز مميزات هذه الدورة هو خروج المسرح من القاعات المغلقة نحو الفضاءات التعليمية والمكتبات العمومية.

يوم الجمعة 24 أكتوبر، سيتحول الأطفال في بني مطير إلى جمهور صغير، عبر ورشة “تحريك العرائس” وعروض تنشيطية موجهة لطلبة المدارس، يليها عرض مسرحية “خرف” لمنال الرياحي، ثم مسرحية “المسافة صفر”، ليكون المساء موعدًا مع مستر كلاس حيّ يجمع ثلاثة من رموز المسرح الجندوبي: علي الخميري، محمد غزواني، والعروسي الحناشي، في جلسة وفاء لتاريخ طويل من العطاء.

في اليوم الثالث، ينتقل المهرجان إلى عين دراهم حيث الورشات والعروض تتواصل. ورشة “اللعب الدرامي” في المكتبة العمومية، ثم عرض مسرحية “وطن” لنزار الكشو، وعرض “الضاوية” لفائزة مليكشي من الجزائر، وهي فرصة لاكتشاف التجربة المسرحية النسوية الجزائرية عن قرب.

الختام في عين دراهم سيكون مع مستر كلاس للدكتور مفتاح الفقيه من ليبيا، في تأكيد على انفتاح المهرجان على التجارب العربية المختلفة، لا فقط من خلال العروض، بل كذلك في النقاش والتحليل والمراجعة النقدية.

يوم الأحد 26 أكتوبر، تعود الفعاليات إلى طبرقة، في ختام يحمل أكثر من دلالة. عرض مسرحية “كاركوز” من توقيع مدير المهرجان نوار الذويوي، تليه مسرحية “قهوة عربي” لإيمان محجوب، ثم جلسة ثقافية لتوقيع كتاب “جدل” للكاتبة قمر الخميري، في مساحة تجمع بين المسرح والفكر، بين التمثيل والتأليف.

ليُختَتم المهرجان بتوزيع شهادات التقدير وتكريم الشركاء وفريق العمل، في لحظة امتنان لمن ساهموا في جعل الحلم ممكنًا.

ليس مهرجان الوفاء مجرد تظاهرة عابرة، بل هو مشروع ثقافي متجذر، يشتغل على المسرح كرسالة تربوية، اجتماعية، وفنية. دورة 2025 تُرسّخ هذا التوجه، وتُذكّرنا بأن الفن لا يولد من الفراغ، بل من الإيمان، العمل، والصدق.

طبرقة، بني مطير، وعين دراهم ستكون، لأربعة أيام، عاصمة للمسرح العربي… وسيظل الوفاء عنوانها الأجمل.

بقلم الاعلامي محمد السعيدي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock