فن وثقافة

أحمد حسن راؤول بين الأقصى والقصيدة: أمل يقترب أم عمل جديد يبشر بالنصر؟

تقرير الكاتب والناقد الفني عمر ماهر

في لحظة تبدو وكأنها مقتطعة من لوحة فنية تجسد الأمل والمقاومة معًا، يظهر الشاعر أحمد حسن راؤول في صورة مُولّدة بالذكاء الاصطناعي أمام قبة الصخرة المشرفة بمسجد الأقصى المبارك، يحمل على كتفيه الكوفية الفلسطينية التي صارت رمزًا للكرامة والصمود، فيما يكسو وجهه ابتسامة تحمل الكثير من المعاني المتداخلة بين الحلم والواقع، بين الشعر والحقيقة، وبين الكلمة والرصاصة، وكأن الزمن توقف ليوثق مشهدًا رمزيًا يربط بين الإبداع الشعري وبين القضايا الإنسانية الكبرى التي تسكن وجدان كل عربي، فالصورة ليست مجرد انعكاس رقمي أنتجته تقنيات الذكاء الاصطناعي، بل بدت وكأنها مرآة لروح شاعر اعتاد أن يكتب للحب والأمل والوطن.

ولعل السؤال الذي يفرض نفسه هنا: هل هذا الظهور الرمزي أمام الأقصى هو مجرد عمل فني جديد يختبر من خلاله راؤول أدوات التكنولوجيا الحديثة ليعيد صياغة صورته في سياق وطني مقاوم؟ أم أنه إيحاء بأن الأمل بات أقرب مما نتصور، وأن النصر الذي طال انتظاره يلوح في الأفق من خلال رمزية الثقافة والفن؟ فالأقصى ليس مجرد مسجد أو بناء أثري، بل هو قضية تمتزج فيها الروحانيات بالهوية والكرامة، ومن هنا تصبح صورة شاعر أمامه رسالة واضحة تقول إن الكلمة ما زالت قادرة على أن تقف في مواجهة المدافع، وأن القصيدة ما زالت تحمل في طياتها قدرة على إشعال وجدان الشعوب، تمامًا كما كانت تفعل منذ فجر التاريخ.

لقد اعتاد راؤول أن يمزج بين الواقع والحلم في أعماله الشعرية، فنراه أحيانًا يكتب للحب بكل ما فيه من دفء ورومانسية، وأحيانًا يكتب للوطن بكل ما يحمله من وجع وفخر، وبين هذين العالمين ينسج لنفسه مسارًا خاصًا لا يشبه أحدًا، مسارًا يضعه دائمًا في صفوف الشعراء الذين يملكون القدرة على التأثير، ليس فقط بالكلمة ولكن بالرسالة التي تترسخ في الوجدان، وما هذه الصورة إلا امتداد طبيعي لمسيرة شاعر يؤمن أن الإبداع ليس رفاهية، بل وسيلة للبقاء وللدفاع عن القيم.

ومن اللافت أن الصورة أمام الأقصى جاءت في زمن تتعالى فيه الأصوات المطالبة بالحرية والعدالة، وفي وقت صار فيه الذكاء الاصطناعي أداة قادرة على صياغة مشاهد قد لا تسمح بها الظروف الواقعية، فيتحول الخيال الرقمي إلى منصة تعبيرية تحمل الرسائل التي تعجز الكلمات وحدها عن توصيلها، فوجود أحمد حسن راؤول بهذا الشكل أمام الأقصى، حتى لو عبر تقنية افتراضية، يفتح الباب أمام قراءة جديدة مفادها أن الفن والأدب لم يعودا محصورين في حدود المطبوع أو المسموع، بل صارا يتخذان أشكالًا بصرية ورمزية، قادرة على أن تنتشر بسرعة الضوء وأن تترك أثرها في وعي الجماهير.

وقد يكون السؤال الأعمق الذي يستدعي النقاش: هل الفن والشعر قادران فعلًا على أن يقرّبا الأمل من الواقع، وأن يحوّلا الحلم بالنصر إلى مشروع متكامل تتبناه الشعوب؟ التجربة التاريخية تقول نعم، فالشعراء كانوا دائمًا وقود الثورات وملهمي الأجيال، وصوتهم سبق كثيرًا أصوات المدافع، وراؤول وهو يقف –ولو افتراضيًا– أمام الأقصى يعيدنا إلى هذه الحقيقة، بأن الشاعر ليس مجرد كاتب أبيات منمقة، بل هو حامل قضية، وحارس ذاكرة، ومرآة أمة.

ولعل هذه الصورة لا تُقرأ فقط كحدث عابر أو مجرد فكرة إبداعية باستخدام الذكاء الاصطناعي، بل تُقرأ كرسالة متجددة بأن الأقصى حاضر في وجدان المبدعين، وأن النصر وإن تأخر سيظل حيًا في الذاكرة، وأن كل عمل شعري أو فني يخرج من قلب صادق يضيف لبنة في جدار المقاومة الثقافية التي لا تقل أهمية عن أي شكل آخر من أشكال النضال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock