صحف وتقارير

خطورة الإستدلال بالإسرائيليات

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الحمد لله الذي خلق الإنسان في أحسن تقويم، والصلاة والسلام على محمد بن عبدالله المتمم لمكارم الأخلاق، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم، ثم أما بعد لقد بيّن النبي المصطفي محمد صلي الله عليه وسلم أن الصدق طريق إلى الجنة، وأن الكذب طريق إلى النار وفي حديث سمرة بن جند رضي الله عنه الطويل بيان لعقوبة من يكذب الكذبة فتبلغ الآفاق، وقد جاء ذلك في الرؤيا التي رآها الرسول المصطفي محمد صلي الله عليه وسلم ومما جاء في الحديث ” فإنطلقنا، فأتينا على رجل مستلقي لقفاه، وإذا آخر قائم عليه بكلوب من حديد، وإذا هو يأتي أحد شقي وجهه فيشرشر شدقه إلى قفاه، ومنخره إلى قفاه، وعينه إلى قفاه، ثم يتحول إلى الجانب الآخر فيفعل به مثل ما فعل بالجانب الأول، فما يفرغ من ذلك الجانب.

 

حتى يصبح ذلك الجانب كما كان، ثم يعود عليه فيفعل مثلما فعل المرة الأولى وفي نهاية الحديث بيان الذنب الذي إرتكبه ذلك الرجل وفيه ” فإن الرجل يغدو من بيته فيكذب الكذبة، تبلغ الآفاق، وفي رواية فيصنع به إلى يوم القيامة ما كان خلق أبغض إلى رسول الله المصطفي محمد صلي الله عليه وسلم من الكذب، ولقد كان الرجل يحدث عند النبي المصطفي محمد صلي الله عليه وسلم بالكذبة فما يزال في نفسه حتى يعلم أنه قد أحدث منها توبة ” واعلموا يرحمكم الله أن من أهم طرائق المنصّرين في إثارة الإفتراءات على الدين، هو الإحتجاج بما لا يعتبر حجة في نفسه، وإن صح عن قائله، ويقصد بهذه الطريقة أن يستدل المنصر بما لا يعد حجة في نفسه، حتى إن صح عن قائله، كالإستدلال بقول عالم من العلماء في مسألة بعينها، أو الإستدلال بالإسرائيليات.

 

ومثال هذه الطريقة هو ما يدّعيه المنصّرون من وجود خرافات وأخطاء علمية في الإسلام، ويستدلون على ذلك بما ذكره بعض المفسرين كالطبري والسيوطي عند قوله تعالى ” ن والقلم وما يسطرون ” من أن نون هو حوت يسمى اليهموت، وأنه خُلق فبسطت عليه الأرض، فإضطرب النون، فمادت الأرض، فأثبتت بالجبال، وهذا مما نقل عن ابن عباس رضي الله عنهما بأسانيد مضطربة والظاهر أنه من الإسرائيليات التي ألصقت به، وقال ابن القيم ” ومن هذا حديث أن قاف جبل من زمردة خضراء، محيط بالدنيا كإحاطة الحائط بالبستان، والسماء واضعة أكنافها عليه، وحديث أن الأرض على صخرة، والصخرة على قرن ثور، فإذا حرّك الثور قرنه، تحرّكت الصخرة، ثم قال “لا ريب أن هذا وأمثاله مِن وضع زنادقة أهل الكتاب، الذين قصدوا السخرية والإستهزاء بالرسل وأتباعهم.

 

وأن الأسلوب الأمثل في مواجهة هذه الطريقة هو توضيح أن أقوال العلماء والإسرائيليات ونحو ذلك ليست حجة في الإسلام إنما الحجة فيما قال الله تعالي وقال رسوله المصطفي صلى الله عليه وسلم، أو ما أجمعت عليه الأمة، وكل من هو دون النبي صلى الله عليه وسلم فيؤخذ من كلامه ويرد لأنه بشر غير معصوم، قد يخطئ مرة أو مرات، فما أقبح غاية الكذب وما أسفل مرتبة الكاذب، فالكذب يفضي إلى الفجور وهو الميل والإنحراف عن الصراط السوي ثم إلى النار، ويا ويل أهل النار؟ والكاذب سافل لأنه مكتوب عند الله وبئس هذا الوصف لمن إتصف به إن الإنسان لينفر أن يقال له بين الناس يا كذاب، فكيف يقرّ أن يكتب عند خالقه كذابا، وإن الكاذب لمحذور في حياته لا يوثق به في خبر ولا معاملة، وإنه لموضع الثناء القبيح بعد وفاته.

 

ولقد قرن الله تعالى الكذب بعبادة الأوثان فقال تعالى ” فاجتنبوا الرجس من الأوثان وإجتنبوا قول الزور ” فهل بعد ذلك سبيل إلى أن يتخذ المؤمن الكذب مطية لسلوكه أو منهجا لحياته، بارك الله لي ولكم في القرءان العظيم ونفعني وإياكم بما في من الآيات والذكر العظيم أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock