
الحمد لله الذي يمن على من يشاء بالأولاد ويجعلهم فتنة يتبين بها الشاكر الذي يقوم بحقهم ويصونهم عن الفساد والمهمل الذي يضيعهم ويتهاون بمسئوليتهم، فيكونون عليه نقمة وحسرة في الدنيا ويوم يقوم الأشهاد، أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية كما جاء في كتب الفقه الإسلامي أنه يجوز أن يستمتع الصغار المميزون بالطيور الحية بخلاف غير المميز لأنه ربما تسبب في موت الطائر وسواء كان الطير في قفص أو خلي بين الصغير وبينه، وقال ابن القاص ترك النبي صلى الله عليه وسلم النكير بعد ما سمع ذلك دليل على الرخصة في اللعب للصبيان، وفيه دليل على إمساك الطير في القفص، ومن لطائف الفوائد التي ذكرها ابن القاص قوله وفيه دليل على أن إنفاق المال في ملاعب الصبيان ليس من أكل المال بالباطل إذا لم يكن من المناهي المنهية، فالبعض يأوي إلى بيته حمام.
ولا يعرف مالكه والفقهاء ينصون على أن ما يمتنع من صغار السباع بطيرانه كالطيور كلها حكمه حكم الإِبل فيحرم التقاطه لكن إن حصل منها ضرر كتلويث البيت والجدران ولم يمكن طردها يجوز أخذها ويضمن صاحب البيت قيمتها، وقال الشيخ محمد العثيمين ثمرات التدوين الحمام الشارد الذي يأوي إلى البيوت ولا يعلم صاحبه أرى أن يقدر قيمته ويتملكه ويتصرف فيه بما شاء، ويتصرف بقيمته عن صاحبه فهو إلى لقطة الإبل أقرب، ولمخالطة الحيوان أثر على سلوك الشخص فربما إكتسب من مخالطتها غلظة وقسوة فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ” الفخر والخيلاء في الفدادين أهل الوبر والسكينة في أهل الغنم ” رواه البخاري ومسلم، وقال أبو عبيد القاسم بن سلام في غريب الحديث، والفدادون المكثرون من الإبل.
الذين يملك أحدهم المائتين منها إلى الألف، يقال للرجل فداد إذا بلغ ذلك وهم مع هذا جفاة أهل خيلاء، وإذا قصد بجمع الحيوان وتكثيره التفاخر على الناس والإستعلاء عليهم فهي وزر عليه يوم القيامة، وربما إكتسب الإنسان من مخالطته لبعض الحيوانات رقة وحلما وعودته على الصبر فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ما بعث الله نبيا إلا رعي الغنم فقال أصحابه وأنت فقال نعم كنت أرعاها علي قراريط لأهل مكه ” رواه البخاري، فالغنم فيها ضعف فهي بحاجة إلى حماية وعناية فيتعلم من يتعامل معها الرحمة والصبر والحلم ولذا كانت بداية الأنبياء برعي الغنم لتأهيلهم لرعية أممهم والله أعلم، ولا تكتفي الشريعة بتقرير وبيان حقوق الإنسان فحسب وإنما تقرر أيضا وتبين حقوق الحيوان، وفي إطار هذا البيان تحث الشريعة على الإحسان إلى الحيوان.
فقد روى مسلم في صحيحه بسنده قول النبي صلي الله عليه وسلم ” إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته ” وتحث الشريعة الغراء على إغاثة الملهوف، وتقديم العون له ولو كان كلبا، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال بينما رجل يمشى بطريق إشتد عليه العطش فوجد بئرا فنزل فيها فشرب ثم خرج، فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي بلغ مني، فنزل البئر فملأ خفهُ ماء ثم أمسكه بفيه حتى رقى فسقى الكلب، فشكر الله له، فغفر له، فقالوا يا رسول الله إن لنا في البهائم أجرا؟ فقال في كل كبد رطبة أجر” وتخبرنا السنة الصحيحة أن الله عز وجل قد غفر لامرأة زانية من بني إسرائيل لأنها سقت كلبا كاد يقتله العطش.
وتنهى الشريعة نهيا شديدا عن تعذيب الحيوان، وحبسه ظلما بغير حق، فقد روى مسلم في صحيحه بسنده أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال ” عذبت امرأة أي دخلت النار في هرة سجنتها حتى ماتت لا هي أطعمتها وسقتها إذ هي حبستها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض” وقد ثبت أن رسول الله صلي الله عليه وسلم نهى أن تصبر البهائم أي تحبس حتى تموت، ونهى كذلك عن إتخاذ شيء فيه الروح غرضا أي تثبيته وجعله هدفا للتدريب على الرماية والقنص، ونهى كذلك عن قتل أربع من الدواب النحلة والنملة والهدهد والصرد”

