فن وثقافة

منذر رياحنه يتألق في وهران.. تكريم عربي يليق بفنان صنع مجده من الموهبة والإخلاص

الكاتب الصحفي والناقد الفني عمر ماهر

شهدت مدينة وهران الجزائرية ليلة استثنائية بكل المقاييس خلال فعاليات الدورة الثالثة عشرة من مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي، حيث سطع نجم الفنان الأردني منذر رياحنه في لحظة من الفخر والاعتزاز العربي بعد تكريمه عن مجمل أعماله الفنية المميزة التي أثرت الدراما العربية عبر مسيرة حافلة بالنجاح والعطاء.

لم يكن هذا التكريم عاديًا، بل كان تتويجًا لمسيرة فنان حمل الفن في قلبه ووهب له عمره، ليصنع لنفسه مكانة رفيعة في قلوب الجمهور العربي من المحيط إلى الخليج.

ويُعد هذا التكريم هو الأول للفنان منذر رياحنه في الجزائر، كما أنه يمثل زيارته الرسمية الأولى إلى بلد المليون ونصف المليون شهيد، وهي زيارة حملت معها الكثير من المشاعر الصادقة بين الفنان وجمهوره الجزائري الذي استقبله بحفاوة بالغة وترحيبٍ كبير، عكسا حجم المحبة التي يكنها هذا الشعب للفنانين العرب الذين يعبّرون بصدق عن الإنسان العربي وقضاياه.

وقد امتلأت قاعة الحفل بالتصفيق والهتافات فور إعلان اسمه، في مشهد مؤثر جمع بين التقدير والاحترام والإعجاب بمسيرته الطويلة.

وخلال الحفل الذي أقيم في أجواء مبهجة مفعمة بالروح العربية، صعد منذر رياحنه إلى المنصة لتسلّم درعه التكريمي من وزيرة الثقافة الجزائرية الدكتورة مليكة بن دودة، التي عبّرت عن فخرها بتكريم أحد النجوم الذين قدّموا للدراما العربية أعمالًا راقية تحمل رسالة إنسانية وفكرية نبيلة.

لحظة التكريم كانت مفعمة بالمشاعر الصادقة، حيث بدا التأثر واضحًا على وجه رياحنه، الذي تحدث بكلمات عفوية خرجت من القلب، قائلًا:

“حين تكون على دراية بحجم هذا التكريم، تعجز عن التعبير بالكلمات، فتلجأ للذكاء الاصطناعي الذي بدوره يعجز عن وصف هذا الشعور، فلا تجد ملجأً إلا لتاريخ هذا البلد العظيم… وعندما نقرأ عن تاريخ الجزائر نقف شامخين.”

هذه الكلمات لاقت تفاعلًا واسعًا من الحضور، الذين وقفوا احترامًا له، مؤكدين أن منذر رياحنه لا يكتفي بتمثيل الشخصية العربية على الشاشة، بل يجسدها في واقعه وسلوكه وتواضعه وإنسانيته.

فتكريمه في وهران لم يكن مجرد احتفاء بفنان، بل احتفاء بإنسان يعرف قيمة التاريخ والثقافة والعروبة.

وشهدت الاحتفالية أيضًا تكريم عدد من نجوم الوطن العربي إلى جانب رياحنه، من بينهم الفنان الراحل ياسر المصري، والفنان سيد أحمد أقومي، تكريمًا لعطائهم ومسيرتهم في عالم الفن والإبداع.

هذه اللحظة المهيبة التي جمعت رموز الفن العربي تحت سقف واحد في الجزائر، أكدت أن المهرجان لم يفقد روحه الأصيلة التي تحتفي بالموهبة الصادقة وتقدّر الإبداع الحقيقي بعيدًا عن الصخب الإعلامي.

الجمهور الجزائري من جهته عبّر عن سعادته الكبيرة بتواجد النجم الأردني على أرض الجزائر، مؤكدين أن هذا التكريم مستحق لفنان قدّم أعمالًا خالدة، جمع فيها بين قوة الأداء وعمق الشخصية، واستطاع أن يعبر بجدارته من المحلية إلى العربية.

فرياحنة بالنسبة لهم ليس مجرد ممثل، بل رمز عربي يشبه الصحراء في أصالته، ويشبه التاريخ في عمقه، ويشبه الإنسان في صدقه.

ولعل أجمل ما ميّز تلك الليلة أن التكريم جاء في توقيت يعيد تسليط الضوء على القيمة الحقيقية للفنان العربي الذي يقدّم فنه كرسالة، لا كوسيلة للظهور، وهي القيمة التي جسّدها منذر رياحنه في كل أدواره ومواقفه، إذ لم يلهث وراء الشهرة بل سعى خلف المعنى، ولم يبحث عن التصفيق بل عن الأثر الذي يتركه في قلوب الناس.

وفي ختام الحفل، عبّر رياحنه عن امتنانه العميق للشعب الجزائري ومهرجان وهران، مؤكدًا أن هذا التكريم يحمل بالنسبة له قيمة معنوية كبيرة لأنه يأتي من بلد يُقدّر الفن والثقافة ويعرف جيدًا معنى النضال والإبداع.

وختم كلمته قائلًا: “سأغادر وهران وقلبي ممتلئ بالحب، وسأعود إليها كلما احتجت أن أستعيد معنى الفن النبيل.”

وهكذا، كانت ليلة وهران أكثر من مجرد تكريم، كانت رسالة حب عربية أُرسلت من الجزائر إلى الأردن، ومن الجمهور إلى فنان أحبوه بصدق.

إنها لحظة مجد لن تُنسى في مسيرة منذر رياحنه، لحظة تُثبت أن الفن الصادق لا يعرف حدودًا، وأن العطاء الحقيقي دائمًا يجد طريقه إلى التقدير مهما طال الزمن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock