
بقلم المستشار- أسعد محمود الهفل:
منذ بدء الثورة السورية في عام 2011 كانت التدخلات الإقليمية والدولية جليه ، مما جعل سوريا ساحة صراع إقليمي ودولي ، فلم تبقى قوة إقليمية او دولية إلا و تدخلت فيها اما بشكل مباشر او بطريقة غير مباشرة وكان على رأس هؤلاء حلفاء النظام والميلشيات التي تم جلبها لأجل انقاذه وعلى الجانب الاخر كان الغرب وبعض الدول العربية تبحث عن حلول لم تكن من بينها اسقاط النظام في ذلك الوقت ففي الوقت الذي كان حلفاء النظام يقدمون له كل الدعم اللازم لاستمراره وبشكل مباشر وعلني كان ما يسمى بأصدقاء الشعب السوري يتقدمون خطوة ثم يتراجعون خطوتين مما أطال أمد الصراع لمدة أربعة عشر سنة وكلف الشعب السوري كل هذا الخراب والدمار الذي كان من الممكن تجنب الكثير منه لو تم حل الصراع في وقت مبكر الا ان الحسابات الإقليمية والدولية لم يكن من بينها توفير هذه الخسائر بل المتأمل لما آلت اليه الأمور يكاد يجزم بان الهدف من إطالة أمد الحرب هو الحاق اكبر دمار بالدولة السورية لجعلها خارج أي معادلة إقليمية ودولية لأطول مدة ممكنه وهذا ما أكدته الغارات الإسرائيلية التي جاءت بعد سقوط النظام حيث شنت إسرائيل أكبر عملية جوية بتاريخها قامت بتدمير جميع المقومات العسكرية للبنية التحتية على كافة الأراضي السورية والحقيقة ان المفاجأة ليست في سقوط النظام بهذا الشكل السريع ، إذ أن سقوطه في عام 2015 كان حتمي إنما المفاجأة كانت بتخلي روسيا عن اهم موطئ قدم لها على شاطئ البحر المتوسط وهي التي أعلنت مراراً وتكراراً انها لن تتخلى عن دعم نظام بشار الأسد ووقفت حجر عثره امام أي حلول سياسية مهما كانت حتى لو كانت شكلية ، لقد بنت روسيا مواقفها من حل الازمة بعيداً عن مصالحها مع الشعب السوري والذي تربطه بها روابط تاريخية ووضعت كما يقال بالمثل بيضها في سلة النظام ، لذا نجدها اليوم الخاسر الأكبر وكذلك ايران ، أن الشعب السوري اليوم امامه فرصة تاريخية لبناء الدولة السورية الجديدة التي تقوم على المواطنة والعدالة والمساواة وهذا لن يتم بمجرد الامنيات وانما يحتاج الى وعي بمتطلبات المرحلة واشارك جميع مكونات الشعب السوري بكافة انتماءاتهم ومشاربهم ومعتقداتهم واثنياتهم في بناء سوريا الجديدة لكي يشعر المواطن السوري بالفارق بين دولة الاستبداد ودولة العدالة والمساواة ان التجارب التي مرت بها الثورة السورية طوال الأربعة عشر سنة تؤكد ان نجاحها يقوم على اعتبارات داخلية وإقليمية ودولية دقيقة وبدون مراعاتها سوف يكون هناك مصاعب جمه، وهذا يتطلب عدم الانجرار الى أي محاور إقليمية او دولية او عربية متصارعة والإسراع بتأمين الحد الأدنى من مقومات الحياة للسكان في كافة المناطق ، ان اسقاط النظام لا يعني انتهاء مرحلة الاستبداد وانتصار الثورة وإنما نجاح هذه التجربة في ظروف إقليمية ودولية صعبة يحتاج الى الوعي بهذه الظروف واخذها بعين الاعتبار لأجل المضي قدماً والوصول الى بر الأمان، ان نجاح الثورة السورية في اسقاط النظام كان خطوة ضرورية لبناء سوريا الجديدة ولكنها ليست خطوة كافية و يجب إعادة الاعتبار للتعددية والديمقراطية أي إقامة نظام تعددي يقوم على المواطنة ومشاركة الجميع فيه لأجل ضمان استمراره ويكون ذلك بأن يواكب التأسيس لنظام ديمقراطي وبناء مؤسساته الى جانب إعادة الاعمار وعدم الاكتفاء بالأعمار المادي وتأجيل الاعمال الاخرى الى حين الانتهاء من إعادة الاعمار التي قد تحتاج الى مدة طويلة ، فقد تعلمنا من تجربة النظام البائد ان البطش والاستبداد لا يمكن ان يدوم بالإضافة الى انه لا يبنى وطناً يواكب الدول المتطورة ويحقق لأبنائه الحياة الكريمة.
المستشار/ أسعد محمود الهفل