
بقلم/عبد الرحيم التدلاوي
توضيح لابد منه: كنت قرأت المجموعة من فترة طويلة وأعدت قراءتها،
وتابعت نشر نصوصها بمجلة الرؤى، وبقيت متهيبا من مقاربتها لكونها حملت إلي جديد الكتابة،
ولما قرأت بعض المقالات عنها، ارتأيت الاستعانة بها لكتابة هذه الورقة،
علما أن تلك القراءات غير مذكورة في ثبت المراجع.
**
في عالم الأدب، حيث تتجلى الحروف لتشكل عوالم جديدة،
تأتي مجموعة “مرايا” لسعيد رضواني لتضيف لوحة فنية فريدة. هذه اللوحة،
التي تتألق بألوانها المتعددة وتضاريسها المتشابكة،
ليست مجرد مجموعة من القصص،
بل هي رحلة عميقة في أعماق النفس البشرية،
رحلة عبر متاهات الذاكرة والأحلام والواقع.
عنوان المجموعة “مرايا” ذاته يحمل في طياته دلالة عميقة. فالمرآة لا تعكس الصورة الظاهرة فقط،
بل تعكس أيضاً انعكاسات النفس وأعماقها.
وفي هذه المجموعة، تتعدد المرايا وتتداخل،
فكل شخصية وكل حدث هو مرآة تعكس الأخرى،
وتكشف عن جوانب خفية من الذات.
لغة رضواني في “مرايا” ليست مجرد أداة لنقل المعنى، بل هي فن بحد ذاته.
فهو يستخدم اللغة بطريقة شاعرية،
يختار الكلمات بدقة، ويصوغ الجمل بعناية،
ليخلق لوحات بصرية مدهشة. الصور التي يرسمها الكاتب حية نابضة بالحياة،
وكأنها لوحات تعبر عن أعماق النفس.
من أبرز سمات هذه المجموعة هو التشابك الزمني والمكاني.
الأحداث تتداخل وتتلاحق، والماضي والحاضر والمستقبل يتداخلون في نسق واحد.
هذا التداخل الزمني يعكس حالة اللايقين التي يعيشها الإنسان المعاصر،
وحاجته الدائمة للبحث عن الهوية والانتماء.
الشخصيات في “مرايا” ليست شخصيات نمطية، بل هي شخصيات معقدة ومتناقضة.
فهي تجمع بين الخير والشر، بين القوة والضعف، بين الأمل واليأس.
هذا التناقض الداخلي يجعل الشخصيات أكثر واقعية وأقرب إلى قلوب القراء.
تتخلل المجموعة الكثير من الرموز التي تحمل دلالات عميقة.
هذه الرموز تدعو القارئ إلى التوقف والتأمل،
والبحث عن المعاني الخفية وراء الكلمات.
كما أن هناك تأثيرات واضحة لعلم النفس في هذه المجموعة،
حيث يستكشف الكاتب أعماق النفس البشرية، ويحلل الدوافع والأفعال.
“مرايا” ليست مجرد مجموعة قصصية، بل هي تجربة قرائية عميقة.
فهي تدفع القارئ إلى التفكير والتأمل في نفسه وفي العالم من حوله.
كما أنها تثير العديد من الأسئلة حول الهوية، والوجود، والمعنى للحياة.
تعد “مرايا” سعيد رضواني عملا أدبيا متميزا، يجمع بين الجمال الفني والعمق الفكري.
إنها دعوة للقارئ للانطلاق في رحلة استكشاف الذات والعالم من حوله.
تطرح مجموعة قصص “مرايا” لسعيد رضواني مجموعة من الرسائل المتشابكة والمعقدة،
والتي تتجاوز حدود الحكاية السردية لتصل إلى أعماق النفس البشرية.
يمكن تلخيص أهم هذه الرسائل في النقاط التالية:
1_ تحاول المجموعة أن توصل فكرة أن لكل فرد وجوه متعددة،
وأن الهوية ليست ثابتة بل هي في حالة تغير مستمر.
فالشخصيات تتبدل وتتحول، وتكشف عن جوانب خفية من ذاتها.
2_ تلعب الذاكرة دورًا حاسمًا في تشكيل هويتنا.
فالماضي حاضر دائمًا في حاضرنا، ويؤثر في قراراتنا وأفعالنا.
تسعى المجموعة إلى استكشاف العلاقة المعقدة بين الذاكرة والهوية، وكيف أن الماضي يمكن أن يشكل حاضرنا ومستقبلنا.
3_ الشعور بالعزلة والوحدة هو شعور إنساني عالمي.
تعكس المجموعة هذا الشعور من خلال شخصياتها التي غالبًا ما تشعر بالانفصال عن العالم من حولها.
ا4_ تسعى الشخصيات في “مرايا” إلى إيجاد معنى للحياة،
وتسأل عن ماهية الوجود والهدف منه.
هذه الأسئلة الفلسفية العميقة تجعل القارئ يفكر في حياته الخاصة ويطرح أسئلة مماثلة.
5_ الزمن هو عنصر أساسي في قصص المجموعة.
فهو يتمدد ويتقلص، ويتكرر ويتكرر. من خلال لعبها بالزمن، ت
دعو المجموعة القارئ إلى التفكير في طبيعة الزمن، وكيف يؤثر في حياتنا.