
متابعة / محمد نجم الدين وهبي
بعد سقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد، تقف الأوضاع المعيشية والاجتماعية أمام منعطف تاريخي يعج بالفرص والتحديات، حيث تركت سنوات الحرب والصراع العنيف إرثًا ثقيلًا من الدمار في هذين المجالين، مما يفرض على الإدارة السورية الجديدة مواجهة مهمة معقدة لإعادة التوازن المعيشي والاجتماعي إلى البلاد.
وترصد «كاميرا القنوات الاخبارية» هذه الأوضاع في ظل الإدارة الجديدة في محاولة للوقوف على التحديات وكشف الفرص المتاحة من أجل مستقبل أفضل لسوريا.
أسعار السلع
من ساحة الأمويين في العاصمة السورية دمشق، حيث الضباب والأمطار يخيمان على المشهد، مع انخفاض في درجات الحرارة، يعاني الأهالي في هذه الأجواء من ارتفاع أسعار السلع، وتحديدا المشتقات النفطية، حيث يصل سعر لتر البنزين أو المازوت حوالي 10000 ليرة سورية.
وبالنسبة للبنية التحتية فهي متهالكة وفقًا لتصريحات رئيس وزراء حكومة تصريف الأعمال، محمد البشير، الذي أكد، أيضًا، أن الخدمات المقدمة للمواطنين السوريين ضعيفة، لأن النظام السابق ترك خلفه إرثا ثقيلا.
وفيما يخص الحركة المرورية في العاصمة، فهي شبه معدومة في النهار والليل، وهذا على غير العادة، حيث من المفترض أن تشهد شوارع العاصمة حركة مرورية وازدحامًا في الأجواء الطبيعية على المحاور المختلفة، وأبرزها محور أبور رمانة ومحور المالي، كما تشهد العصامة ضعفًا كبيرًا في القوة الشرائية.
تطوع الشباب
وتشهد شوارع دمشق، تطوع عدد من الشباب للمساعدة في النهوض ببلدهم، وذلك من خلال تنظيم حركة سير السيارات في مدينتهم التي باتت تعاني من ازدحام الطرق وفوضى في المرور منذ الإطاحة ببشار الأسد في الثامن ديسمبر/ كانون الأول الجاري، ورصدت كاميرا الغد الشباب وهم يرتدون سترات ملونة عند الساحات العامة وفي مفارق الطرق الرئيسية من أجل المساهمة في تنظيم السير.
ويقول المتطوعون في مبادرة تنظيم المرور، إن مبادرتهم شخصية وهدفها قبل كل شيء تنظيم حركة السير ومساعدة المواطنين، مشيرين إلى أن أفراد الشرطة فروا وتركوا هذه المهمة عقب سقوط الأسد، وهو ما تسبب في حدوث اختناقات مرورية لا سما عند النقاط التي تعطلت فيها إشارات المرور أو الساحات التي تحولت إلى أماكن لتجمع المتظاهرين المحتفلين بسقوط النظام.
مظاهرات للنساء
وفي مدينة القامشلي التي تقع في شمال شرق سوريا على الحدود مع تركيا، تشهد المدينة خروج مظاهرات نسائية تطالب بالمساواة وحقوق المرأة من الدولة السورية الجديدة، وعدم إقصاء المرأة من المشهد. ورفضت النساء «الغزو التركي» للمناطق السورية بحسب وصفهن.
وطالبن بالحفاظ على حقوق ثورة المرأة في شمال وشرق سوريا، ونددن بقرارات الحكومة الجديدة التي أقصت دور المرأة في العديد من مجالات العمل المختلفة.
نشاط تجاري سيء
وبالنسبة للنشاط التجاري في سوريا، فكان وضعه سيئا في ظل النظام السابق، حيث يقول تجار لـ«الغد»: إن نظام بشار الأسد كان يمنع التعامل بالدولار الأميركي، ومَن يخالف ذلك كان يعاقب عقابًا قاسيًا بالسجن، بالإضافة إلى غرامة باهظة، فمن كان يملك 100 دولار يمكن أن يُسجن سنة أو سنة ونصف أو سنتين، ويُغرّم بنحو 100000 دولار.
وأضاف التجار أن شراء الهواتف كان إجباريا من شركات الأسد وحاشيته، ولا بد من دفع رشاوي وجمارك بالإضافة إلى أن الحصول على الأموال من البنوك كان من الصعب بمكان، والليرة السورية كانت ضعيفة، ومع ذلك كان يصعب الحصول عليها من البنوك التي كان يصطف أمامها الناس بالطوابير.
أسواق الخضار
وفي أسواق اللاذقية، تتعالى أصوات الباعة وكأنهم في سباق تنافسي، فهم يروّجون لمنتجاتهم عسى تجتذب أصواتهم رواد السوق، ففي سوق الخضار بالشيخ ضاهر هبطت الأسعار كثيرًا، ورغم ذلك انخفضت القوة الشرائية.
ويرى التجار أن الأمور تسير نحو الأفضل، كما يرون أن انخفاض السلع يعود إلى سقوط نظام بشار الأسد، لكن المشكلة الحالية هي ضعف عملية الشراء وهو ما يأملون أن يتغير خلال الفترة المقبلة.
المنظومة التعليمية
وكحال المؤسسات الأخرى ضربت رياح التغيير الحاصل في سوريا المنظومة التعليمية، لكنها لم تكن بذات الزخم الذي طال السياسة العامة للبلاد، فحُذفت بعض الدروس المتعلقة بالنظام السابق من المناهج التعليمية، لا سما تلك المرتبطة بحزب البعث وشعاراته.
ويقول تربويون إن المناهج العلمية تخلو من الإشارة إلى النظام السابق، على العكس من المناهج النظرية التي كانت تحكي عن النظام السابق وإنجازاته، بل كان يُطلب منهم القيام بمظاهرات تأييد يرفعون فيها أعلام النظام وحزب البعث ومَن يرفض يُسجن.
وأضافوا أن رؤية الحكومة الجديدة للمناهج السورية ضبابية، فالسؤال الأبرز اليوم عند كل السوريين هو نوعية التعليم، والتزام المدرسين والطلاب وتغيير المناهج القديمة، وليس الاقتصار على حذف بعض الأجزاء فقط، وذلك لبناء جيل جديد بعيدا عن الانحياز البعثي.
التركيبة الاجتماعية
وبالنسبة للتركيبة الاجتماعية في سوريا، قال الكاتب والباحث السياسي أسامة دنورة، إن سوريا لن تتحول إلى نسخة ثانية من أفغانستان، ومع ذلك لا نخفي المخاوف التي يشعر بها عدد كبير من السوريين لا سما فيما يتعلق بالمراة السورية ووضعها في سوريا الجديدة.
وأضاف في مداخلة مع الغد، أن النموذج التركي سيكون قريبا لسوريا الجديدة، مشيرًا إلى أن كل مجتمع له ظروفه الخاصة، لكن هناك درجات من التقارب والتداخل الديموغرافي مع شعوب أخرى مجاورة.
من جهتها، ترى الناشطة السورية المختصة بتنمية وتمكين المرأة، الدكتورة سوزان اليمني، أن توجهات الحكومة الجديدة في سوريا معتدلة بالرغم من الفكرة المجتمعية المزروعة لدى الشعب بأن غالب الحركات الجهادية أو الحكم الإسلامي يثير مخاوف عديدة.
وقالت إن المشهد السياسي السوري اليوم مؤشراته إيجابية وواضحة، سواء فيما يتعلق بالسياسة أو الشأن العام أو العمليات العسكرية أو تجاه المرأة والأقليات أو الناشطين.
الشباب السوري
وقالت الصحفية السورية رنيم خلوف، إن الظروف الصعبة في سوريا خلال فترة النظام السابق، دفعت الكثير من الشباب في عمر 13 و 14 سنة إلى الهجرة خارج البلاد، وخصوصا من المناطق التي كانت تحت سيطرة نظام بشار، كما شهدت هذه المناطق نقصًا في الأطباء والمهندسين والصيادلة، والناشطين والناشطات في المجتمع المدني، حيث هاجر معظمهم.
وأضافت أن الشباب الذين هاجروا إلى الخارج تطوروا كثيرا دراسيا واقتصاديا على عكس الذين بقوا في سوريا، مؤكدة أن سوريا الآن في حاجة إلى الجميع لاستكمال عملية البناء ودفع عجلة الاقتصاد.