صحف وتقارير

الحقيقة الصادمة.. تفكيك أسطورة المنظمة الماسونية التى يخشاها العالم بلا سبب

أيمن بحر

وسط سيل متواصل من الشائعات والقصص المثيرة التى تغزو منصات التواصل الاجتماعى يعود الحديث مجددًا عن الماسونية باعتبارها المنظمة التى تحرّك خيوط العالم من خلف الستار وتتحكم فى الحكومات والاقتصاد والقرارات الكبرى. هذه الصورة المتداولة تبدو جذابة ومثيرة لكنها فى الحقيقة أبعد ما تكون عن الواقع وهو ما تكشفه الحقائق التاريخية والتحليل الموضوعى بعيدًا عن الخرافات التى انتشرت لسنوات.

منذ ظهور الماسونية فى أوروبا قبل قرون كجماعة تجمع حرفيي البناء قبل تحولها لاحقًا إلى تجمعات اجتماعية مهتمة بالأنشطة الفكرية والخيرية لم تظهر أى وثيقة أو دليل واحد يؤكد امتلاكها نفوذًا سياسيًا يُذكر فضلًا عن قدرتها على التحكم في العالم. وتكشف مراجعات المؤرخين والباحثين أن ما يُروّج حول الحكومة الخفية مجرد روايات صنعتها رواسب الخيال الشعبى وتغذت عليها مواقع التواصل والدراما والأفلام.

أما الرموز التى يعاد تدويرها فى كل مرة—مثل عين العناية الإلهية أو المثلث أو الفرجار—فهى جزء من تراث إنسانى قديم موجود فى حضارات مختلفة منذ آلاف السنين ولا علاقة لها بقوة سرية تمتد أذرعها لكل مكان. ومع ذلك يفضل البعض تفسير وجود هذه الرموز على العملات والمبانى باعتباره دليلاً على مؤامرة كبرى بينما الحقيقة أنها عناصر فنية وتاريخية لا أكثر.

ويشير الخبراء إلى أن القوى التى تؤثر فعليًا فى مسار العالم ليست منظمات خفية بل منظومات سياسية واقتصادية معلنة وواضحة تقودها دول كبرى ومؤسسات مالية عملاقة وشركات متعددة الجنسيات تتنافس على النفوذ والمصالح. أما الماسونية فوجودها اليوم لا يتجاوز تجمعات اجتماعية محدودة النشاط بعضها مُعلن وبعضها ممنوع قانونيًا فى دول كثيرة.

إثارة الخوف من قوى غير مرئية ساهم في خلق بيئة خصبة لتداول المحتوى المضلل الذى يزداد تأثيره يومًا بعد يوم، مستغلًا الجهل بالمعلومات الموثقة وغياب التحقق. وهنا تأتي أهمية الوعي كخط دفاع أول يحمي المجتمع من السقوط فى فخ الروايات الوهمية التى تصنع الهلع وتشوّه فهم الناس لحركة العالم.

إن تفكيك الأسطورة لا يسعى لنفى وجود الماسونية كمسمى بل يهدف إلى كشف حقيقتها بعيدًا عن الصورة الهوليوودية التى صُنعَت حولها. فالعالم لا يُدار من غرف مغلقة، بل عبر مصالح واضحة وتحالفات معلنة تتغير بتغير الظروف والسياسات.

وعى المجتمع هو السلاح الأقوى فى مواجهة التضليل ولم يعد هناك مجال للخرافة فى عصر المعلومات. حفظ الله مصر وجيشها وشرطتها وشعبها العظيم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock