نيقولا معوض يكتسح التريند العالمي بمسلسل “سلمى” ويكسر التوقعات منذ الحلقة الأولى
جريدة الصوت

تقرير خاص من القاهرة الكاتب الصحفي والناقد الفني عمر ماهر
منذ اللحظة الأولى لعرض الحلقة الافتتاحية لمسلسل “سلمى”، بطولة النجم العالمي اللبناني نيقولا معوض والنجمة السورية مرام علي، بدا واضحاً أن هذا العمل الدرامي ليس مجرّد نسخة مأخوذة عن المسلسل التركي الشهير “امرأة”، بل هو تجربة عربية أصيلة وراسخة تعكس روحاً فنية مميزة وتقدّم معالجة درامية تتفوّق في كثير من جوانبها على النسخة الأصلية. النجاح الساحق للحلقة الأولى تخطّى كل التوقّعات، حيث تصدّر اسم نيقولا معوض قائمة الترند العالمي على منصّات البحث ومواقع التواصل، ليثبت من جديد أنّه نجم استثنائي قادر على خطف الأنظار منذ الوهلة الأولى.
العمل قدّم نفسه كمسلسل مختلف، يجمع بين الدراما الاجتماعية المشوّقة والعمق الإنساني المؤثّر، وترك الجمهور في حالة من الدهشة والإعجاب بعدما تابع الأحداث الأولى التي انطلقت بقوة وحرارة غير متوقعة. الحكاية تبدأ مع شخصية “سلمى” التي تؤديها مرام علي، وهي أم لطفلين تعيش لحظات صعبة بعد اختفاء زوجها “جلال” الذي يجسّده نيقولا معوض، في ظروف غامضة لا تزال تشكّل محور اللغز الدرامي الذي سيكشف تدريجياً على مدار الحلقات. منذ البداية، استُحضر البُعد الإنساني والرومانسي للعلاقة التي جمعت سلمى بجلال، من خلال السرد الذي شاركت به سلمى طفليها “جولي” و”شادي”، حيث روت لهما قصة حبها وزواجها من جلال، وهي اللحظات التي كشفت جانباً مختلفاً من شخصية نيقولا، إذ بدا عاطفياً، رقيقاً، وفي الوقت نفسه حاملاً لثقل رجل مسؤول يوازن بين شغفه وحبه لعائلته وبين ظروف الحياة الصعبة.
نيقولا معوض في شخصية “جلال” قدّم أداءً خطيراً بكل معنى الكلمة، إذ نجح في أن يترك بصمة خاصة خلال مشاهد محدودة في الحلقة الأولى، لكنه ألقى بظلال حضوره على الأحداث كلّها. الشخصية جاءت محاطة بالغموض، فبينما تعهّد جلال بالبقاء إلى جانب زوجته وأطفاله ورفض فكرة السفر من جديد، جاء اختفاؤه المفاجئ ليضع العائلة في مواجهة مصير قاسٍ. ما زاد من حدّة التشويق أنّ العمل ألمح بشكل ذكي إلى أنّ هناك شخصيات أخرى مرتبطة بمصير جلال، أبرزها “ميرنا” التي تجسّدها ستيفاني عطا الله، الفتاة العاشقة لجلال التي تخفي مشاعرها خلف موهبة الرسم، لتكشف لنا الأحداث جانباً مظلماً مليئاً بالسرية والأسرار المكبوتة، فيما تبدو والدتها “هويدا” التي تلعب دورها القديرة تقلا شمعون جزءاً أساسياً من هذا الصراع النفسي والعاطفي.
الحلقة الأولى أظهرت معاناة سلمى بعد اختفاء زوجها، إذ اضطرت لمواجهة تحديات الحياة بمفردها بين عملها في مصنع للملابس ومسؤولياتها تجاه طفليها. واحدة من أقوى اللحظات الدرامية تمثّلت في مشهد إلقاء صاحب العقار أغراض سلمى وطفليها في الشارع لعدم قدرتها على دفع الزيادة في الإيجار، ما أجبرها على الانتقال إلى حارة شعبية، في مشهد مليء بالقسوة والواقعية، ترك أثراً بالغاً في نفوس المشاهدين. هنا، قدّم المسلسل صورة صادقة عن معاناة المرأة في المجتمع العربي حين تُترك وحيدة أمام أعباء الحياة، لكن بطريقة إنسانية راقية ومؤثرة.
في موازاة ذلك، بدأت ملامح الغموض تنسج خيوطها، إذ تبيّن أنّ ميرنا تحمل سرّاً غامضاً عن اختفاء جلال، خاصة بعد أن صادفت بالصدفة طفلته “جولي” التي أخبرتها أن الصورة التي كانت تحتفظ بها تعود لوالدها، ما فتح باب الأسئلة حول دور ميرنا الحقيقي وعلاقتها باختفاء جلال. الأحداث بدت وكأنها تضع الأساس لتصعيد درامي كبير سيُبقي الجمهور في حالة ترقب وتشويق طوال الحلقات المقبلة، خصوصاً أنّ العمل يوازن بين الدراما العائلية والجانب البوليسي الذي يكشف طبقات الشخصيات تدريجياً.
ما يميّز مسلسل “سلمى” عن النسخة التركية أنّه استطاع أن يضخ روحاً عربية أصيلة في تفاصيله؛ اللغة، التقاليد، البيوت الشعبية، وحتى العلاقات الأسرية جاءت محمّلة بروح محلية قريبة من المشاهد العربي، وهذا ما جعل الجمهور يشعر بأن القصة تخصّه هو شخصياً، لا أنّها مجرد حكاية مقتبسة. وهنا يبرز الدور الكبير لنيقولا معوض الذي حمل على عاتقه مسؤولية تقديم شخصية معقّدة وغامضة في الوقت نفسه، شخصية قادرة على أسر الجمهور بمجرّد ظهورها ولو في مشاهد قليلة، لتثبت أنّه ممثل عالمي بكل المقاييس، يعرف كيف يقدّم كل تفصيلة بإحساس عميق واحترافية عالية.
النجاح المبكر الذي حقّقه “سلمى” يؤكد أنّ العمل في طريقه ليكون علامة فارقة في الدراما العربية، وربما يتفوّق من حيث نسب المشاهدة والتأثير على النسخة التركية التي استند إليها. فالجمهور لم يعد يكتفي بمتابعة اقتباس حرفي، بل يبحث عن هوية جديدة وإبداع مختلف، وهذا ما قدّمه فريق العمل بامتياز، خصوصاً مع وجود أسماء وازنة إلى جانب نيقولا معوض مثل مرام علي، تقلا شمعون، ستيفاني عطا الله، طوني عيسى وغيرهم، الذين شكّلوا جميعاً لوحة متكاملة أضافت للعمل مصداقية وقوة.
في المحصلة، يمكن القول إن نيقولا معوض لم يكتفِ بأن يتصدّر التريند، بل كسر كل التوقّعات وأثبت أنّه نجم عربي وعالمي في آن معاً، قادر على أن يحمل عملاً ضخماً على كتفيه ويحوّله إلى حديث الساعة، فيما لا تزال أحداث “سلمى” في بدايتها فقط. وإذا كان هذا هو تأثير الحلقة الأولى، فإنّ ما ينتظر المشاهدين في الحلقات المقبلة يبدو أضخم وأكثر تشويقاً، ما يجعل من المسلسل حدثاً درامياً استثنائياً للعام 2025، ومن نيقولا معوض أيقونة فنية تحظى بإجماع جماهيري عربي وعالمي.
الأبعاد العالمية لنجاح نيقولا معوض بمسلسل “سلمى”
اللافت أنّ تصدّر نيقولا معوض الترند لم يقتصر على الساحة اللبنانية أو العربية فحسب، بل امتدّ ليصل إلى منصّات عالمية، حيث سُجّلت نسب بحث مرتفعة حول اسمه في أكثر من دولة، وهذا يعكس حجم الاهتمام الدولي بأعماله الأخيرة. نجاحه في “سلمى” لا يأتي من فراغ، فهو امتداد لمسيرة مدروسة انطلقت منذ سنوات حين بدأ نيقولا يخطّ لنفسه خطاً مهنياً مختلفاً، يزاوج فيه بين الدراما العربية والمشاريع العالمية، ويفتح لنفسه أبواباً جديدة في صناعة الترفيه الدولية.
نيقولا عرف كيف يقدّم نفسه كنجم عابر للحدود، لا يكتفي بالنجاح داخل بلده أو في المنطقة العربية، بل يسعى دوماً للتواجد في مشاريع تلفزيونية وسينمائية ذات بعد عالمي. مشاركته السابقة في أعمال ناطقة بالإنجليزية مكّنته من تثبيت مكانته في عيون شركات إنتاج عالمية، وهذا ما جعل حضوره في “سلمى” محطّ أنظار جمهور أوسع. الأصداء التي رافقت عرض الحلقة الأولى على المنصّات الرقمية لم تقتصر على تعليقات الجمهور العربي، بل رصدنا تفاعلات من متابعين من أوروبا وأميركا اللاتينية، ما يدلّ على أنّ اسم نيقولا صار مرتبطاً بالدراما العالمية وليس فقط بالإنتاج المحلي.
من الناحية الفنية، ما يميّز نيقولا معوض عن كثير من الممثلين أنّه يملك قدرة عالية على التكيّف مع أنماط درامية مختلفة. في “سلمى”، مثلاً، قدّم شخصية “جلال” بكل أبعادها الغامضة، مستخدماً تقنيات تمثيلية قريبة من المدرسة العالمية التي تركّز على التفاصيل الصغيرة: لغة الجسد، النظرات، الصمت المعبّر أكثر من الحوار. هذا الأسلوب جعله قريباً من الجمهور الغربي الذي يقدّر الأداء العميق، وفي الوقت نفسه لم يبتعد عن الحسّ العربي الأصيل الذي يلمس قلب المشاهد المحلي.
نجاح “سلمى” بنسخته العربية قد يشكّل بداية مرحلة جديدة في صناعة الدراما الإقليمية، حيث يصبح بالإمكان تصدير أعمال عربية إلى الخارج ليس فقط كنسخ مقتبسة، بل كمنتجات مكتملة بذاتها تنافس على منصّات البث العالمية. ووجود نجم بحجم نيقولا معوض في قلب هذا المشروع يعطيه دفعة قوية، لأنه يجمع بين الحضور الكاريزمي والرصيد الفني والخبرة العالمية. شركات الإنتاج تراقب مثل هذه النجاحات، وقد يكون “سلمى” بوابة لأعمال عربية أخرى تصل مباشرة إلى الجمهور العالمي دون الحاجة إلى وسطاء.
من جهة أخرى، لا يمكن تجاهل أنّ تصدّر نيقولا التريند العالمي يعكس تغيّراً في ذائقة الجمهور، حيث صار المشاهد يبحث عن ممثلين يجمعون بين الأصالة والانفتاح. نيقولا لم يتخلّ عن هويته اللبنانية، بل على العكس، قدّمها بصورة مشرّفة وراقية، وهذا ما جعل الجمهور العربي يشعر بالفخر به، فيما وجد فيه الجمهور الأجنبي ممثلاً ذا هوية خاصة ومختلفة عن النمط المعتاد.
كل هذه الأبعاد تجعل من نجاح نيقولا معوض في “سلمى” محطة فاصلة في مسيرته، ليس فقط لأنه حقّق نسب مشاهدة مرتفعة أو تصدّر الترند، بل لأنه أثبت أن الممثل العربي قادر على منافسة نظرائه في العالم إذا امتلك الموهبة والإرادة والرؤية الواضحة. وإذا استمر هذا النسق، قد نكون أمام مرحلة جديدة من الحضور العربي على الساحة الفنية العالمية، يكون نيقولا في طليعتها، كأحد أبرز سفراء الفن اللبناني والعربي نحو العالم.
باختصار، يمكن القول إنّ النجاح الباهر الذي يحققه مسلسل “سلمى” منذ انطلاقته، مع تصدّر نيقولا معوض مشهد البطولة، لا يمثّل فقط إنجازاً شخصياً له كنجم عالمي ذي حضور لافت، بل هو أيضاً نقطة تحوّل مهمّة في مسار الدراما اللبنانية والعربية على حد سواء. فالمسلسل لم يقدّم مجرد قصة مقتبسة، بل أعاد صياغتها بروح محلية أصيلة وبحرفية عالية، ليبرهن أن الإنتاج العربي قادر على المنافسة والتفوّق حتى أمام الأعمال الأجنبية التي يُستلهم منها. وما أضفى على العمل قيمة مضاعفة هو الأداء النوعي لنيقولا، الذي جسّد شخصية جلال بتركيبة نادرة تجمع بين العاطفة والالتباس والرمزية، فأعاد تعريف معايير البطولة في الدراما العربية.
تأثير هذا النجاح تخطّى الشاشات إلى تشكيل صورة جديدة عن الفنان اللبناني الذي لم يعد محصوراً ضمن الحدود المحلية، بل صار لاعباً أساسياً على الساحة العالمية، يرفع اسم بلده عالياً ويعكس صورة حضارية عن الفن العربي. وإذا كان “سلمى” قد أطلق إشارات واضحة منذ حلقاته الأولى بأنه سيحفر اسمه كأحد أبرز الإنتاجات العربية لهذا العام، فإنّ بصمة نيقولا معوض فيه ستبقى عنواناً لهذا الإنجاز، لتفتح أمامه آفاقاً أوسع نحو أدوار عالمية مقبلة، وتمنح الدراما اللبنانية والعربية فرصة جديدة لتثبيت وجودها في الخريطة الدرامية الدولية. هكذا، يتحوّل نجاح نيقولا إلى انتصار جماعي، ليس فقط له، بل لكل المشهد الفني الذي يتوق دوماً لأن يكون في مصاف الكبار.