—- من أنت —
أُفَكِّرُ… فأستجلي ما غابَ عن بصري،
وأبلُغُ القَصدَ… لم أجشِم شَكاوى.
فقد دَفنتُ حِبري في مَتاهاتِ قَبرٍ.
ظننتُه مَوتًا… فلاحَ فضاءُ حُرّيَةٍ
لا تُدانيها رَيبَةُ الفَناءِ.
صَمتٌ تَعالى… لا يُرَدِّدُه صَدى،
وجَزّارُ ضِحكَةٍ كالجحيمِ مُذِيبةْ.
بُكاءُ أُمٍّ على خَدَّيها مَمسُوخَة،
أُنكِرُ بُرءَ الروحِ… فالعيشُ خِداع.
لكنني أستشعرُ الوَجدَ في دَمي،
ويَستديرُ الشكُّ… كالدَّوّامةِ تَلوي.
عجيبٌ غَدِي… لمَّا يزُرَّ أَسفارَه،
وجُنونٌ صادقٌ بالخَوفِ يَرعاني.
يَرسمُ أسرارَ الدُنا في صَمتِها،
يَطرقُ بابَ الفهمِ دُونَ جَوّابِ.
حَقائقٌ تَعودُ… لَولا يُلامِسُني هَمسٌ.
مَضى الحُلمُ… وانزوى نورٌ في لَحظَةِ،
وانخَلَعَ القلبُ… لَمّا قَلَّبتُ قَدَري.
في قَبضَةِ اليأسِ… سُدتُ مَسكَنِي.
ويَغتالُني خوفٌ… كالمَوتِ مِن عَطَشٍ،
قَبلَ أن تَمَتدَّ لي كَفٌّ.
نَظراتٌ صامِتاتٌ،
قُربٌ كاذبٌ… يَجمدُ النَّبضَ في شَغفِ.
تَزرعُ الشكَّ… لا تُطعِمُ طُمأنينَةً.
تَسكُنُ الحَولَ… وتَهربُ مِن وَجهٍ،
تَرويهِ عيني… فلا تَلحظُه روحي.
فهل أعماني الوجدُ، فأبصرتُ ما لا يُرى؟
في هيبَةِ الخُشوعِ… طَرقتُ بابَ الليلِ.
فصاحَ الليلُ بصَوتٍ كَرعدِهِ الخامِسِ:
“مَن أنتَ… يا مَن تُطاردُ فجْرَ الغيابِ؟!”
زر الذهاب إلى الأعلى