
الحمد لله ذي الجلال والإكرام حي لا يموت قيوم لا ينام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك الحليم العظيم الملك العلام، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله سيد الأنام والداعي إلى دار السلام صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان، ثم أما بعد إنه خير للمرء أن يموت في سبيل فكرته من أن يعمر طول الدهر خائنا لوطنه جبانا عن نصرته، فالغنى في الغربة وطن والفقر في الوطن غربة، واعلموا أن إجتماع السواعد يبني الوطن وإجتماع القلوب يخفف المحن، وكما أن الإحترام المتبادل هو الذي يؤكد أن الأخطاء قابلة للتسامح مهما كانت، وبدون الإحترام لا يمكن التسامح، ولك أن تقول ما شئت ولي أن أقول ما شئت على أن أحترم وتحترم مساحة الإحترام الفاصلة بين قولك وقولي، وإنه ينبغي علينا جميعا الإنتماء للوطن، ولكن كيف يتجلى الإنتماء إلى الوطن؟
وإعلموا أنه مهما إختلفت ثقافة الفرد وثقافة وطنه الذي يعيش فيه، لن يطرأ على إنتماءه إليه أي تأثير، لكن لا بد من إنتماء الفرد إلى اللغة الأم التي يقوم عليها وطنه، وأن يضعها في أولوية اللغات، وكذلك يجب أن ينتمي إلى العادات والتقاليد التي يتبعها أهل وطنه، ويحتم عليه أن يحترمها ويراعيها، وبالمحافظة على كل ما سبق يكون الإنسان محافظا على هويته وإنتسابه للوطن، ومهما سافر حول العالم يبقى إنتمائه لوطنه قائما، وعلى الإنسان أن يكون مدركا أنه مهما سافر وتغرب عن وطنه، لا بد من الرجوع إليه وإستكمال الحياة فيه، وكذلك قال الشاعر في الوطن ” وطني ليس حقيبة وأنا لست مسافر” فالوطن يشغل أهمية كبيرة في حياة الإنسان، وتتجلى أهميته أن يشعر الإنسان بلا وطنه أنه كالشجرة الكبيرة لكنها تفتقد إلى جذعها، وكالسمكة الجميلة بلا بحر، وكأنه الحياة بالنسبة له.
وإنه لشعور سيء جدا أن يكون الإنسان بعيد عن وطنه، فاقدا للأمن والأمان فيه، وفي الغربة تجد نفسك كالوحيد دون أبناء الوطن ودون حضن الأرض، لأجل هذه الأهمية جعل الله الوطن في مكانة كبيرة، وجعل حبه والدفاع عنه عبادة، ووعد من ينال الشهادة في دفاعه عن أرضه وإستقلال وطنه، أن له جنات الفردوس يحيا فيها وينعم بخيراتها، ومن لم يكمله خير لي وطنه وأرضه، لن تجد فيه الخير لأي بلد في العالم، واعلموا أنه يحتم على جميع المواطنين أن يساهموا في التطور والإزدهار للوطن، بالإضافة إلى حمايته والحفاظ عليه، وأن نتخذ من التعاون والإتحاد شعارا أساسيا في الحياة، فالإتحاد يولد القوة، ويشكل حاجز كبير يتصدى لأي عدوان أو أزمات تحاول الوصول إلى أرض الوطن، واعلم أخي المواطن الكريم أيها المصري الأصيل أن خبز وطنك أفضل من بسكويت أجنبي.
وأنا مغرم ببلادي ولكنني لا أبغض أية أمة أخرى، فالوطن هو المكان الذي نحبه، فهو المكان الذي قد تغادره أقدامنا لكن قلوبنا تظل فيه، وما أكثر الأوطان التي يبدأ فيها سجن المواطنين بالنشيد الوطني، فيا وطني العظيم أنت عنوان الأمن ورمز الحب ورسالة السلم، فأنت مثل الجبل الشامخ الذي تعجز العواصف عن تحطيمه، فمكانك يا وطني كبير في قلبي وعشقي عظيم لا يوصف، ولا يمكن أن أحصر مشاعري في كلمات قليلة، فلك يا وطني عبق ساحر أشم رائحته وأنا فيه وحتى عندما أكون بعيدا عنه، فأنت حبي الذي لا يموت، ونهر عطاء لا ينقطع، وكل شيء في وطني مميز، ولا يعرف ذلك إلا من عاش فيه، فالوطن هو الذي يصنع للإنسان كيانه ويجعله ذا قيمة وتقدير وإحترام، وكلما عزز الناس إنتماءهم للوطن كلما كان عطاؤهم له بدون حدود، لذلك يجب أن يحرص الجميع على تنمية هذا الشعور الجميل كي يظل الوطن في الطليعة.



