دين ومجتمع

عليكم بمكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الحمد لله، نحمده ونستغفره ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، بعثه الله رحمة للعالمين هاديا ومبشرا ونذيرا، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة فجزاه الله خير ما جزى نبيا من أنبيائه، فصلوات ربي وتسليماته عليه وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، وعلى صحابته وآل بيته، وعلى من أحبهم إلى يوم الدين أما بعد، اعلموا يرحمكم الله أنه سمي هذا الدين الإسلامي إيمانا لأن العباد يؤدونه عن إيمان بالله وتصديق به ورسله، فلهذا سمي دين الله إيمانا لهذا المعنى كما في الحديث الصحيح من قول النبي المصطفي صلي الله عليه وسلم “الإيمان بضع وسبعون شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان” رواه البخاري ومسلم.

فبين عليه الصلاة والسلام أن الدين كله إيمان وأن أعلاه قول لا إله إلا الله، فعلمنا بذلك أن الدين كله عند الله إيمان، ولهذا قال سبحانه وتعالي ” وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار ” فسماهم بذلك، لأنك أيها المؤمن بالله واليوم الآخر تؤدي أعمالك وطاعتك وتترك المحارم عن إيمان وتصديق بأن الله تعالي أمرك بذلك ونهاك عن المحارم وأنه يرضى منك هذا العمل ويثيبك عليه وأنه ربك ولم يغفل عنك وأنت تؤمن بهذا، ولهذا فعلت ما فعلت فأديت الفرائض وتركت المحارم ووقفت عند الحدود وجاهدت نفسك لله عز وجل، وسمّي الدين برّا لأن خصاله كلها خير، وكما سمى هذا الدين هدى لأن من إستقام عليه فقد إهتدى إلى خير الأخلاق وإلى خير الأعمال لأن الله بعث نبيه صلي الله عليه وسلم ليكمل مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، كما في الحديث عنه عليه الصلاة والسلام.

أنه قال ” إنما بعثت لأتممم مكارم الأخلاق وفي حديث أنيس أخي أبي ذر رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يدعو إلى مكارم الأخلاق فهذا الدين سمي هدى، لأنه يهدي من استقام عليه إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، كما قال عز وجل ” ولقد جاءهم من ربهم الهدي” وقال في أهله ” أولئك علي هدى من ربهم ” وقال في أهله أيضا ” واولئك هم المهتدون ” وبهذا تعلم يا أخي معنى هذه الألفاظ الإسلام، والإيمان والتقوى، والهدى والبر والعبادة، إلى غير ذلك، وتعلم أيضا أن هذا الدين الإسلامي قد جمع الخير كله فمن إستقام عليه وحافظ عليه وأدى حقه وجاهد نفسه بذلك فهو متقي لله تعالي، وهو موعود بالجنة والكرامة، وهو موعود بتفريج الكروب وتيسير الأمور، وهو الموعود بغفران الذنوب وحط الخطايا، وهو الموعود بالنصر على الأعداء.

والسلامة من مكائدهم إذا إستقام على دين الله تعالي وصبر عليه وجاهد نفسه لله وأدى حق الله وحق عباده، فهذا هو المتقي وهو المؤمن، وهو البر، وهو المفلح، وهو المهتدي والصالح، وهو المتقي لله عز وجل، وهو المسلم الحق، واعلموا أن التقوى هي الاسم من إتقى، والمصدر هو الاتقاء، وكلاهما الاسم والمصدر مأخوذ من مادة وقى، والوقاية حفظ الشيء مما يؤذيه ويضره، فأصل التقوى أن يجعل الإنسان بينه وبين ما يخافه ويحذره وقاية وقال نظام الدين النيسابوري شارحا معنى المتقي وهو إسم فاعل من وقاه فاتقى والوقاية فرط الصيانة، وهذه الدابة تقي من وجئها إذا أصابها طلع من غلظ الأرض ورقة الحافر فهو يقي حافره أن يصيبه أدنى شي، أما المعنى الشرعي هو فعل ما أمر الله به، وترك مانهى الله عنه، وكما هي وقاية النفس من عصيان أوامر الله ونواهيه وما يمنع رضاه، أو حفظ النفس حفظا تاما عن الوقوع في المحظورات بترك الشبهات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock