
متابعة / محمد نجم الدين وهبي
منذ قرون، لم يكن السؤال عن علاقة العرب بالقوى الكبرى سؤالا بسيطا، بل كان دائما اختبارا للكرامة والقدرة على الاستقلال، واليوم، يعيد التاريخ نفسه، لكن بنكهة العصر الحديث، حيث تمارس الضغوط السياسية والاقتصادية بغطاء من المصالح المشتركة، فيما الحقيقة أن واشنطن لم تتعامل يوما مع العواصم العربية إلا باعتبارها أدوات لتنفيذ استراتيجياتها، لا شركاء في صنع القرار.
فهل تنصاع العواصم العربية للرياح الترمبية، أم أن هناك بوادر تحول حقيقي يعيد رسم موازين القوى في المنطقة؟
حول هذا الموضوع دارت نقاشات الجزء الثاني من حلقة اليوم الأربعاء ببرنامج «مدار الغد» الذي يعرض عبر قناة «الغد» وفيه قال رئيس قسم الشؤون الدولية في الأهرام العربي، أسامة الدليل، إن نمط ترمب في تعامله مع القضية الفلسطينية أو حتى تعامله مع المنطقة ليس أمرا مفاجئا أو مباغتا.
وأضاف من القاهرة أن «ترمب نحن نعرفه، ومن الفترة الأولى له رأيناه وهو يعترف بالقدس عاصمة موحدة وأبدية لإسرائيل، رأيناه وهو يضم الجولان إلى إسرائيل».
وتابع أن «ترمب يبادر بما لا يمكن على الإطلاق قبوله، ومع ذلك عندما استرحنا منه لـ4 سنوات عاد من جديد بأفكار لا يمكن أن يقبلها أحد لا في العالم العربي ولا في أوروبا ولا في الأميركتين، كما أن الصينيين والروس ليسوا قادرين على استيعاب ما يقوم به ترمب، وبالتالي نحن أمام موقف غايه في العجب من رجل يحب أن يطلق على نفسه لفظ (مجنون)، يرى أن قوة أميركا في ألا تكون متوقعة، وبالتالي علينا أن نتعامل مع هذا الرجل غير المتوقع بطريقة أيضا غير متوقعة».
مصر والأردن في مواجهة ضغوط ترمب
وقال الدبلوماسي السابق، السفير زياد المجالي، إن الأردن ومصر ليسا وحيدين في هذا العالم، ورد الفعل على (القنبلة) التي اقترحها ترمب لم يكن فقط فقط من الطرفين المعنيين مصر والأردن، وإنما أولا من جميع الأطراف العربية، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية التي أوضحت أنه لا يمكن أن يكون هناك تقدم ما لم يكن هناك دولة فلسطينية، ورفضت فكرة التهجير التي طرحها ترمب».
وأضاف من عمان: «بالنسبة لنا بالأردن، نحن دائما لا نتحاشى الاشتباك الإيجابي بشكل عام، أيا كانت مظاهر الجنون في هذا الموقف، ولا بد لنا أن نلاحظ أن مواقف الدول الحليفة من شركاء الولايات المتحده في حلف الناتو، وأقصد هنا المواقف الأوروبيه بما فيها حتى الموقف البريطاني الذي كان واضحا بهذا الخصوص، وأكد على قضية حل الدولتين».
وتابع أن «طرح ترمب ليس فقط مسحة من الجنون، وإنما هو يستقيه من مؤلَّف له اسمه الصفعة، وهو بالنسبة له السياسة عبارة عن مشاريع تجارية، وحتى عندما تحدث عن تهجير الفلسطينيين من غزة تحدث بمنطق أنه يريد أن يجعل من غزة منطقة جاذبة للاستثمار، وأكثر من ذلك هو استعمل عبارة غريبة جدا أن يمتلك غزة، وليس فقط لمرحلة مؤقتة».
ترمب وابتزاز السعودية
من جهته، قال الكاتب والباحث السياسي، مطير الرويحلي، إنه يتوقع أن هذه التصريحات المتطرفة من الرئيس الأميركي بخصوص المنطقة، سواء تهجير الغزيين إلى دول الجوار مصر والأردن، أو امتلاك قطاع غزة من قبل أميركا وإقامة مشاريع عليها، هذه التصريحات من وجهة نظري ربما الهدف الأساسي من إطلاقها بهذا التوقيت من ترمب، هو محاولة ابتزاز المملكة والدول العربية الأخرى ومصر والأردن من أجل إما من أجل تحقيق مكاسب معينة أو من أجل أن ترضى هذه الدول بأقل القليل من وجهه نظره تحت هذا الضغط، وبالتالي تطبع السعودية مع إسرائيل».
وأضاف من الرياض أن «السعودية ترفض كليا أن تطبع مع إسرائيل من خلال وجهة النظر الأميركية بهذا الوضع الحاصل الآن، كما طبعت بعض الدول وخصوصا الدول المتأخرة».
وتابع: «أتوقع أن هذا لن يمر على المملكة العربية السعودية، لأن موقفها ثابت من هذه القضية».