مقالات وآراء

جنود ينصر الله به المؤمنين

جريدة الصوت

كتب أشرف ماهر ضلع

الرعب

كان الرعب أحد جنود الرحمن سبحانه وتعالى في يوم بدر ، وكان الرعب سبباً من أسباب النصر ؛ روى البخاري ومسلم رحمهما الله عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : قال رسول الله ﷺ : *” نُصِرْتُ بِالرُّعَبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ “* .
وفي رواية أحمد رحمه الله : *” وَلَوْ كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ مَسِيرَةُ شَهْرٍ “* .
فقبْل أن يصل رسول الله ﷺ إلى العدوِّ بمسيرة شهر يدخل في قلوبهم الرعب ، فالرعب يدخل في قلوب كل الناس ، ولكن العجيب أن يدخل في قلب القويّ فيخاف من الضعيف ، وأن يدخل الرعب في قلب الكثير فيخاف من القليل ، أو يدخل الرعب في قلب المدجج بالسلاح فيخاف من الأعزل ، وإننا نرى طفلاً صغيراً يحمل حجراً ، ويهدد به جنديًاً مدججاً بالسلاح ، فيخاف أن يخرج من عربته المصفَّحة ، قال تعالى عن جيش المشركين في يوم بدر في سورة الأنفال :
{ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ } سورة الأنفال
فقد كان جيش الكافرين ثلاثة أضعاف المسلمين يوم بدر ، ولكن الله سبحانه ألقى الرعب في قلوب الكافرين ، وقد رأينا الصواريخ وهي تضرب رجلاً أعزلَ قعيداً على كرسيّ متحرّك ، ونرى فرقة عسكرية كبيرة تهاجم رجلاً أعزلَ في منزله ، ويجب ألا نتعجب من ذلك ؛ لأن الله العزيز ملأ قلوبهم بالرعب .

الطمأنينة

ألقى الله عز وجل الطمأنينة والأمان الذي يصل إلى حدِّ النعاس في قلوب المؤمنين ، والقلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء ، يقول تعالى :
*{ إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ }* سورة الأنفال
فالله تعالى كما أنزل الرعب في قلوب الكافرين ، أنزل الطمأنينة في قلوب المؤمنين .

المطر

أحد جنود الرحمن جل جلاله في يوم بدر ، فالله سبحانه قد أنزل المطر على المؤمنين هيّناً لطيفاً على منطقة ، وأنزله وابلاً شديداً في صورة سيل في منطقة أخرى ، حتى يتطهر المسلمون ، وتدخل الطمأنينة في قلوبهم ، كما يقول تعالى :
*{ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ }* سورة الأنفال
فأطفأ الله عز وجل بالمطر الغبار ، وتلبدت به الأرض ، وطابت نفوسهم ، وثُبِّتت به أقدامهم ؛ يقول تعالى :
*{ وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ }* سورة الشُّورى
فالمطر كان رحمةً بالنسبة للمسلمين ، وبالاً على الكافرين ، سبحان الله !

التقليل والتكثير في الأعداد

فالله تبارك وتعالى جعل المسلمين يرون الكافرين قلة ، وكذلك رأى المشركون المسلمين قلة ، وكان هذا لحكمة يعلمها الله الحكيم حتى تقع الحرب بين الطرفين ؛ لأن الله سبحانه يدبِّر مكيدة للكافرين ، حتى يطمعوا في إنشاب القتال ، فيشربوا كؤوس المنايا مكان الخمر ، ويسمعوا صليل السيوف مكان القيان ، يقول تعالى :
*{ إِذْ يُرِيكَهُمُ الله فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَلَكِنَّ الله سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ }* سورة الأنفال
فقد رأى النبي ﷺ المشركين قلة في منامه ، وكان هذا لإدخال السرور على قلب رسوله ﷺ ، ورأى المسلمون المشركين قلة في أعينهم ، كما رأى المشركون المسلمين قلة في أعينهم ، وكان هذا لحكمة يريدها الله عز وجل من إنشاب القتال بين الفريقين ، يقول تعالى :
*{ وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ الله أَمْرًا كَانَ مَفْعُولاً وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ }* سورة الأنفال
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : قلت لرجل إلى جنبي : أتراهم سبعين ؟ قال : أظنهم مائة ، فالصحابة رضوان الله عليهم كانوا يرون المشركين لا يتجاوزون المائة ، وكذلك رأى المشركون المسلمين عدداً قليلاً لا يتجاوز المائة ، يقول تعالى في سورة الأنفال :
*{ وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ الله أَمْرًا كَانَ مَفْعُولاً وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ }* سورة الأنفال

وكان أبو جهل يقول عن عدد المسلمين : إنما هم أكلة جزور ، أي أن المسلمين لا يتجاوزون ا
لمائة أو أقل ، ويقول تعالى في سورة آل عمران :
*{ قَدْ كَانَ لَكُمْ آَيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَالله يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لأُولِي الأَبْصَارِ }* سورة آل عمران
فكل فريق كان يرى الفريق الآخر أقل مما هو عليه ، وبعد بدء المعركة دخل في روع المشركين أن المسلمين ضعف المشركين ، أي يصل عددهم إلى ألفين ، سبحان الله ! يقول تعالى عن ذلك :
{ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَالله يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لأُولِي الأَبْصَارِ } سورة آل عمران
*رأى المشركون جيش الإيمان يصل إلى ألفين ، ويرونهم رأي العين ، ومع أن المخابرات الإسلامية قد حددت عدد المشركين بين التسعمائة والألف ، إلا أن المسلمين رأوهم قلة لا يتجاوزون المائة ، وفي هذا عِبْرة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد* .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock