
متابعة / محمد نجم الدين وهبي
الترحيب بدا واضحًا في كل من موسكو وكييف إزاء لقاء مرتقب ستحتضنه السعودية بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، سيتمحور النقاش الرئيسي خلاله حول سبل إنهاء حرب تدور رحاها في أوكرانيا لما يقارب ثلاثة أعوام.
الكرملين أشار إلى أن الاستعدادات لقمة بوتين – ترمب بدأت بالفعل مع التأكيد على مشاركة أوكرانيا بطريقة أو بأخرى في أي محادثات لإنهاء الحرب، ولكن بعيدًا عن المسار الروسي الأميركي.
أما الرئيس الأوكراني فأبدى رغبته في التوافق على موقف مع واشنطن قبل إجراء أي مفاوضات مع موسكو، في رغبة من كييف ربما لتبديد مخاوف أوروبا من أن تبقى وحيدة في موقع الدفاع عن أوكرانيا وإعادة إعمارها. فهل يعقد ترمب صفقة مع بوتين من خلف ظهر الحلفاء الأوروبيين؟
في أول اتصال هاتفي رسمي بينهما منذ بداية الحرب في أوكرانيا، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأميركي دونالد ترمب على ضرورة البدء في مفاوضات تسوية الأزمة الأوكرانية، ووصف كل من الكرملين والبيت الأبيض محادثاتهما بالإيجابية والتي من شأنها دعم جهود السلام في أوكرانيا.
دقت ساعة العمل معًا.. أطروحة باتت تحظى بتأييد كل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأميركي دونالد ترمب بعد اتصال هاتفي دار بينهما دام ساعة ونصف الساعة.
الاتفاق على إمكانية تحقيق تسوية طويلة الأجل في أوكرانيا من خلال المفاوضات هو أبرز ما أكده بوتين وترمب خلال محادثاتهما، وهي تطورات إيجابية من شأنها تعبيد الطريق أمام مفاوضات التسوية السلمية للأزمة الأوكرانية.
وقال رجب صافاروف، كاتب ومحلل سياسي، إنه على الرغم من أن ترمب شخصية لا يمكن الوثوق بها، إلا أننا ننطلق من واقع أن تسوية الأزمة الأوكرانية باتت ضرورة بالنسبة للولايات المتحدة التي أدركت أخيرًا عدم جدوى مواصلة دعم نظام كييف.
الاتصال الهاتفي بين بوتين وترمب لا يعني بالضرورة إعادة الكرملين لرسم أهدافه وخططه في أوكرانيا، فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكد أن التسوية الحقيقية للأزمة الأوكرانية يجب أن تبدأ بإزالة جذورها وتبديد المخاوف الروسية، ما يعني تمسك موسكو بأهدافها ومطالبها ورفضها لمقترح تجميد الصراع.
المفاوضات السريعة والحاسمة التي يريدها ترمب لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية قد تكون مكلفة بالنسبة لموسكو وكييف، حيث إن الأخيرة رضخت لمطالب ترمب لعقد صفقات المعادن النادرة، أما موسكو فحتى الآن لا يُعرف ما هي الملفات التي ستقدم فيها تنازلات.
وللحديث عن هذا الموضوع، ينضم إلينا ضيوفنا من الرياض اللواء دكتور محمد صالح الحربي، الخبير في الشؤون السياسية والاستراتيجية، ومن أوهايو السفيرة جينا وينستانلي، الدبلوماسية الأميركية السابقة، ومن موسكو سيرغي ماركوف، عضو مجلس الدوما الروسي سابقًا.
قال اللواء دكتور محمد صالح الحربي، الخبير في الشؤون السياسية والاستراتيجية: “نحن نعرف الآن أن البيئة باتت مهيأة نظرًا لعلاقات ولي العهد السعودي بالأقطاب العالمية، سواء كان الرئيس فلاديمير بوتين أو دونالد ترمب، وقد أشادوا بموقفه. ولكن المملكة العربية السعودية بدأت بقوتها الناعمة عبر الإفراج عن سلسلة من الرهائن في عام 2023 من خمس دول معروفة.”
وأضاف: “أيضًا، الزيارات المتتالية للمملكة، فقد زار زيلينسكي المملكة مرتين، والرئيس فلاديمير بوتين كذلك. الحرب هي حرب عبثية ممتدة منذ 24 فبراير 2022، والآن وصلنا إلى السنة الثالثة. ووفقًا لمصادر، فقدت روسيا نحو 50% من احتياطاتها الاستراتيجية للأسلحة والذخائر، إضافة إلى سلسلة العقوبات التي بلغت 15 عقوبة، والدعم اللامتناهي من الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي لأوكرانيا، والذي سيصل بحلول نهاية 2025 إلى أكثر من 150 مليار دولار، وهذا يعد رقمًا صعبًا للغاية.”
وأوضح أن الاتحاد الأوروبي وحلف الأطلسي حاولا استنزاف روسيا عبر قطع الغاز والنفط المنقول بحرًا، وحتى الأنابيب تم إيقافها عن روسيا، رغم معارضة شديدة من خمس دول في الاتحاد الأوروبي، وعلى رأسها المجر واليونان، اللتان رفضتا العقوبات بسبب حاجتهما للكهرباء والغاز.
من جانبها، قالت السفيرة جينا وينستانلي، الدبلوماسية الأميركية السابقة: “يبدو للكثيرين، خاصة الأوكرانيين، أنه إذا كان هناك تطبيق لهذه السياسة، فإنهم سيخسرون أراضيَ، لأن روسيا قد اخترقت وانتهكت القانون الدولي واحتلت دولة أخرى. أما بالنسبة للرئيس ترمب، فإن له أولوية واضحة وهي إنهاء هذه الحرب، لأنه قال إنها أدت إلى موت الكثير من الناس.”
وأضافت: “أما بالنسبة لأوكرانيا، فأعتقد أنها دولة مستقلة وذات سيادة، لذلك فهم يرغبون في أن يكونوا على الطاولة أيضًا. هناك شكوك لدى الأوكرانيين، فهم يتساءلون كيف يمكن أن يكون هناك اتفاق بدونهم”.
من جانبه، قال سيرغي ماركوف، عضو مجلس الدوما الروسي سابقًا: “في البداية، أحب أن أهنئ السعودية والرئيس ترمب بهذا الاختيار، أن السعودية تستقبل قائدين لدولتين عظيمتين، لذلك فأنا أظن أن ذلك أمر عظيم.”
وأشار إلى أنه تم اختيار السعودية لأنها تستحق ذلك، وأعتقد أنه تم اختيار الرياض لأسباب عديدة، منها أنه كان هناك الكثير من المباحثات بين ترمب وبين الملك السعودي، كذلك تم اختيار السعودية لأنها دولة محايدة، كما أن أمير السعودية له علاقة رائعة مع ترمب ومع بوتين أيضًا وكذلك مع الرئيس الأوكراني.
وتابع: “كما أن السعودية تعتبر مكانًا آمنًا لعقد اللقاء بين القائدين.”
وأوضح أن أوكرانيا لا تبدو أنها دولة مستقلة، ومن ثم فإن زيلينسكي لم يُدعَ إلى اللقاء، متسائلًا: “لماذا لم يأمر دونالد ترمب زيلينسكي بالحضور؟ لأن الولايات المتحدة الأميركية، دعني أقول، منقسمة على نفسها بهذا الشأن، وهذا ما نراه على الساحة، إذ هناك دولة عميقة داخل الولايات المتحدة، ولذلك هناك آراء مختلفة.”
وأضاف: “نحن نأمل أن بوتين وترمب سوف يتفقان على شيء، ولكن ترمب ليس المحارب ضد روسيا، بل هناك دولة عميقة في أميركا تعادي بوتين وترمب على حد سواء.”