دين ومجتمع

سبب تتابع المحن والإبتلاءات

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد، ذكرت المصادر الإسلامية الكثير عن الرشوة وعن أضرارها علي الفرد والمجتمع، وقيل أنه جاء أن الخليفة الراشد الخامس عمر بن عبد العزيز رحمه الله اشتهى التفاح فلم يجده في بيته، ولا ما يشتري به، فخرج فتلقاه غلمان بأطباق التفاح، فتناول واحدة فشمّها، ثم ردّ الأطباق، فقيل له في ذلك، فقال لا حاجة لي فيها، فقيل له ألم يكن رسول الله وأبو بكر وعمر يقبلون الهدية؟ قال إنها لأولئك هدية، وهي للعمال بعدهم رشوة بلى لقد بلغ صلى الله عليه وسلم فوالله ” لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن ماله من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟”

 

ولقد بعث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم عبد الله بن رواحة رضي الله عنه إلى يهود خيبر ليخرص لهم، فيعطي النبي ما له ويعطيهم ما لهم، فكأنهم قالوا له زدت علينا يا ابن رواحه، قال ” ما أخذت لنفسي فخذوه أنتم، وما دفعته لكم فادفعوه إليّ، إني لم آتي إلا لأنصفكم” فلمّا رأوا ذلك منه أهدوا له هدايا لأجل أن يتواضع في الخرص، وهو واحد ليس معه إنسان آخر، فقال ” ما جئتكم لأنتقص أموالكم، ولكن جئت لأعدل بيني وبينكم ” فقالوا بهذا قامت السمواتُ والأرض، أولئك القوم الذين صدقوا الله في إيمانهم، وصدقوا الله في مسؤولياتهم، فحموا دينهم، فصاروا أسعد الناس وأفضلهم، قال بعض السلف ” والله، ما سبقهم أبو بكر بكثرة صلاة ولا صيام، ولكن بإيمان صحيح وقر في قلبه، ويقول يوسف بن أسباط إن الرجل إذا تعبّد قال الشيطان لأعوانه انظروا من أين مطعمه؟

 

فإن كان مطعم سوء قال دعوه يتعب ويجتهد فقد كفاكم نفسه، فيا أيها المسلمون إن المصائب التي تتوالى علينا بين حين وآخر وتفاقم المشكلات وتعاظم المنكرات وإنعدام الأمن وشيوع الفساد وتتابع المحن والإبتلاءات كلها بسبب ذنوبنا ومعاصينا ونحن نضج ونشكو وندعو الله ولا يستجاب لنا، إذ كيف يستجاب للإنسان وهو يأكل المال الحرام، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال ” يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم ” ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك ” رواه مسلم، أي كيف يستجاب لمن هذه حاله، لهذا قال بعض السلف لو قمت قيام السارية.

 

ما نفعك حتى تعلم ما يدخل بطنك أحلال أم حرام؟ فالمال الحرام لا يأتي بخير أبدا وصاحبه لا يبارك الله له في أهله وماله، وعاقبة المال الحرام وخيمة، فيا عباد الله، لقد شرع الله لعباده الشفاعة وأن يشفع المسلم لأخيه بجاهه إن أمكنه ذلك، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاءه صاحب حاجة قال ” اشفعوا تؤجروا، ويقضي الله على لسان نبيه ما يشاء ” متفق عليه، فالمسلم عندما يشفع لأخيه ليفرّج همّه ويزيل غمّه ويرفع كربته ويحقق له ما يريده من الخير، عندما يتصوّر حاجة أخيه، وقد يكون هذا الأخ عاجزا عن أن يدافع عن نفسه، قاصرا أيضا بالبيان، قليل الحيلة، فهو يقف معه موقف الأخ من أخيه المسلم، يقضي حاجته، يفرّج همّه وغمّه، ويحقق له أمله، لماذا؟ لأنه أخوه المسلم في ذات الله، والله تعالي يقول في سورة التوبة ” المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ”

 

ورسول الله محمد صلى الله عليه وسلم يقول ” لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه ” رواه مسلم، وكما يقول صلى الله عليه وسلم ” يصبح على كل سلامى من الناس كل يوم صدقة” إلى أن قال ” وتعين الرجل في دابته، فتحمله عليها، أو ترفع له عليها متاعه صدقة” رواه البخ

اري ومسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock