دين ومجتمع

من أبحر في بحر المعاصي والذنوب 

جريدة الصوت

 

بقلم / محمـــد الدكـــروري 

 

الحمد لله الذي خلق الإنسان من سلاله وركب بلطف حكمته مفاصله وأوصاله ورباه في مهاد لطفه ثلاثين شهرا حمله وفصاله وزينه بالعقل والحلم وأزال عنه ظلماء الجهاله، فسبحان من إختارهم لنفسه ونعمهم بأنسه وأجزل لهم نواله، ويسّر له مولاه سبيل السعادة وحقق آماله وأجزل نصيبه من التوفيق وقبل أعماله، وأشهد إن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو علي كل شيء قدير أما بعد إن الله عز وجل يحب التوابين ويفرح بتوبة التائب والنادم والعائد إليه تعالى، بل يبدل سيئاته حسنات، وهذا من فضل الله الكريم الغفور الرحيم، وإن باب التوبة مفتوح حتى تطلع الشمس من مغربها، أو حالة الإحتضار ومعالجة سكرات الموت، فعلى من إرتكب ذنبا أن يتوب إلى الله تعالي، ويندم على ما مضى، ويرد الحقوق لأربابها، أو يستبيحهم منها.

 

ويظن بالله خيرا ويرجو رحمته، وإن كان ذنبه أكبر الذنوب فرحمته سبحانه أوسع، ومغفرته أشمل وعليه أن يستتر بستر الله رجاء أن يستره الله، ولا يفضحه، وإنني في هذه الكلمات أحذر كل من وقع في فاحشة الزنا وهو مستمر فيها بلا خوف ولا حياء من الله تعالي، فأحذره بأن ذلك إستدراج من الله عز وجل له ليأخذه وهو متلبس بالجرم، مرتكب لهذا الذنب العظيم، يموت على سوء خاتمة والعياذ بالله، والله عز وجل لا يعجل للناس العقوبة، وإنما يملي لهم ويؤخرهم لعلهم يتوبون، لكن من استمر في الزنا فربما مات عليه، ومن أبحر في بحر المعاصي والذنوب فيوشك أن يغرق، وحينئذ يُخشى عليه أن لا يُقبل منه ندم ولا توبة، كما لم تُقبل من فرعون عندما أدركه الغرق، واعلم أن الوقوع والولوغ في فاحشة الزنا والإستمرار فيها خطره عظيم ونهايته مؤلمة وخاتمته سيئة.

 

ولا يتمادى فيه إلا جاهل بقوة الله تعالى وقدرته ومكره، فليحذر المنغمس في فاحشة الزنا من مكر الله عز وجل، فالله جل وعلا يمهل ويملي له، ثم تكون الخسارة والندامة إذا لم يعجل بالتوبة النصوح ويبكي ندما على ما فعل وفرط في جنب الله عز وجل، ومن أعظم تبعات فاحشة الزنا لمن وقع فيها، هو قتل الأجنة في بطون أمهاتهم أو قتلهم بعد ولادتهم وهذا من قبيل قتل النفس التي حرم الله ظلما وعدوانا، والتي توعد الله عليها بالعذاب الشديد يوم القيامة، فما ذنب هذا الجنين أو الطفل ليُقتل؟ أيُقتل لجرم لم يقترفه ولم يرتكبه ؟ فقال تعالى سائلا من قتل طفلا ظلما ” وإذا الموؤدة سئلت بأي ذنب قتلت ” فالله عز وجل لم يحرم الزنا إلا وفتح باب الحلال وهو الزواج الشرعي مكتمل الشروط والأركان، وكم من إنسان فتح على نفسه باب الزنا فوقع فيما هو أشد منه.

 

فالزنا يتبعه خمور ومخدرات ومسكرات ولواط وبعد عن الصلوات، وهجر لبيوت الله، والسرقة وإرتكاب كثير من الحرمات، فإياكم وإرتكاب حرمات الله، وتعدي حدوده فذلكم الهلاك، فيا عبد الله ويا أمة الجبار، أما لكم في واعظ الله عبرة تعتبرون بها وتخافون من سوء عاقبة تركها ؟ لا تقحموا أنفسكم نارا تلظى، فأجسادكم عليها لا تقوى، وهناك دعاء ورد في سورة الحجرات، وهو دعاء مجرب للحفظ من الوقوع في المعاصي والعصمة منها بإذن الله تعالى، وهو دعاء مجرب لمن تواطئ لسانه مع قلبه وأخلص لله في دعائه، وهو أن تقول ” اللهم حبب إلي الإيمان وزينه في قلبي، وكره إلي الكفر والفسوق والعصيان واجعلني من الراشدين، اللهم كره إلي الزنا واجعله أبغض شيء إلى قلبي ” كرر الدعاء وقم به في الليل وفي كل وقت، فالزنا فاحشة عظيمة وساءت سبيلا، وتذكر دعاء الحبيب صلى الله عليه وسلم ” اللهم إني أسألك الهدي والتقي والعفاف والغني “

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock