دين ومجتمع

أكمل الناس في مراتب الجهاد

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الحمد لله رب العالمين الذي رفع شأن العلم والعلماء فقال ” هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ” الحمد لله الذي جعل في الناس بقية تدل على الخير وترشد إليه، وأشهد ألا إله إلا الله شهادة تنجي صاحبها من المهلكات وتوصله إلى أعلى الدرجات وتبوئه الجنات، يا رب حمدا ليس غيرك يحمد يا من له كل الخلائق تصمد، أبواب كل ملك قد أُ وصدت ورأيت بابك واسعا لا يوصد، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم خير الأنام ومعلم الإنس والجان والمرسل إليهم بأكمل بيان، صلى عليك الله يا علم الهدى واستبشرت بقدومك الأيام، هتفت لك الأرواح من أشواقها وإزيّنت بحديثك الأقلام، ورضي الله عن آله الكرام وأصحابه مصابيح الدجى في الظلام ومن تبعهم بإحسان بلا توان وإمهال، أما بعد يا عباد الله اتقوا الله تعالى.

 

واعلموا أنه يجب على كل مسلم ومسلمة معرفة النبي صلى الله عليه وسلم التي هي من الأصول الثلاثة، التي يجب على كل مسلم ومسلمة تعلمها، والعمل بها، ويسأل عنها في قبره ومن هذه المعرفة معرفة إجتهاده في عبادته وجهاده، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أسوة وقدوة وإماما يقتدى به، ولهذا كان صلى الله عليه وسلم يصلي حتى تفطرت قدماه وإنتفخت وورمت فقيل له أتصنع هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال “أفلا أكون عبدا شكورا” وكان يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة، وربما صلى ثلاث عشرة ركعة، وكان يصلي الرواتب اثنتي عشرة ركعة، وربما صلاها عشر ركعات، وكان يصلي الضحى أربع ركعات ويزيد ما شاء الله، وكان يطيل صلاة الليل فربما صلى بما يقرب من خمسة أجزاء في الركعة الواحدة.

 

فكان ورده من الصلاة كل يوم وليلة أكثر من أربعين ركعة منها الفرائض سبع عشر ركعة، وكان يصوم غير رمضان ثلاثة أيام من كل شهر ويتحرّى صيام الاثنين والخميس، وكان يصوم شعبان إلا قليلا، بل كان يصومه كله، ورغّب في صيام ست من شوال، وكان صلى الله عليه وسلم يصوم حتى يقال لا يفطر، ويفطر حتى يقال لا يصوم، وما إستكمل شهرا غير رمضان إلا ما كان منه في شعبان، وكان يصوم يوم عاشوراء، وروي عنه صوم تسع ذي الحجة، وكان يواصل الصيام اليومين والثلاثة وينهى عن الوصال، وبيّن أنه صلى الله عليه وسلم ليس كأمته، فإنه يبيت عند ربه يطعمه ويسقيه، وهذا على الصحيح ما يجد من لذة العبادة والأنس والراحة وقرة العين بمناجاة الله تعالى ولهذا قال “يا بلال أرحنا بالصلاة” وقال ” وجعلت قرة عيني في الصلاة” وكان يكثر الصدقة.

 

وكان أجود بالخير من الريح المرسلة حينما يلقاه جبريل عليه الصلاة والسلام، فكان يعطي عطاء من لا يخشى الفاقة ولهذا أعطى رجلا غنما بين جبلين فرجع الرجل إلى قومه وقال يا قومي أسلموا فإن محمدا يعطي عطاء لا يخشى الفاقة، فكان صلى الله عليه وسلم أحسن الناس، وأكرم الناس وأشجع الناس وأرحم الناس وأعظمهم تواضعا وعدلا وصبرا ورفقا وأناة، وعفوا وحلما وحياء وثباتا على الحق، وجاهد صلى الله عليه وسلم في جميع ميادين الجهاد جهاد النفس وله أربع مراتب جهادها على تعلم أمور الدين والعمل به، والدعوة إليه على بصيرة، والصبر على مشاق الدعوة وجهاد الشيطان وله مرتبتان جهاده على دفع ما يلقي من الشبهات، ودفع ما يلقي من الشهوات، وجهاد الكفار وله أربع مراتب بالقلب، واللسان والمال واليد، وجهاد أصحاب الظلم وله ثلاث مراتب باليد.

 

ثم باللسان، ثم بالقلب، فهذه ثلاث عشرة مرتبة من الجهاد، وأكمل الناس فيها محمد صلى الله عليه وسلم لأنه كمّل مراتب الجهاد كلها، فكانت ساعاته موقوفة على الجهاد بقلبه ولسانه ويده وماله ولهذا كان أرفع العالمين ذكرا وأعظمهم عند الله قدرا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock