دين ومجتمع

قد نري تقلب وجهك في السماء

 

بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الذي خلق فسوى وقدر فهدى، وأسعد وأشقى، وأضل بحكمته وهدى، ومنع وأعطى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العلي الأعلى، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله النبي المصطفى والرسول المجتبى، وعلى آله وصحبه ومن إهتدى أما بعد ذكرت المصادر التاريخية الإسلامية في مسيرة السيرة النبوية الشريفة العبرة والعظة والتشريع والحكمة ولقد كان رسول الله المصطفي محمد صلى الله عليه وسلم والمؤمنون يتجهون في صلاتهم إلى بيت المقدس قبل الهجرة ثم بعد الهجرة بستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب أن يصرف إلى الكعبة وقال لجبريل عليه السلام ” ووددت أن أصرف وجهي عن قبلة اليهود ” فقال جبريل إنما أنا عبد، فادعو ربك وسله، فجعل رسول الله صلي الله عليه وسلم يقلب وجهه في السماء.
يرجو ذلك فنزل عليه قوله تعالى” قد نري تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره ” وكان ذلك في شهر شعبان من السنة الثانية من الهجرة، ولقد كان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم حريصا على مخالفة أعدائه حتى في القبلة ولا عجب في ذلك، فلقد خالفهم في كل شيء فالخلاف هو خلاف عقائدي في الأصل خلاف بين إيمان وكفر، وإن شخصية المسلم هي شخصية مستقلة بذاتها لا تقبل التنازل ولا الإنصهار، ولقد جاءت النصوص واضحة من كتاب الله تعالي ومن سنة رسوله المصطفي صلى الله عليه وسلم تأمر المسلمين بمخالفة أعدائهم في كل جانب من جوانب الحياة المختلفة، وماذا جنى العالم الإسلامي لما إبتعد عن منهج الله وأمسى يلهث وراء الشرق أو الغرب، ماذا جني سوى التخلف والتراجع.
والإنهيار في جميع شؤونه، وبعد الأمر بالتوجه للبيت العتيق قال تعالى ” وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطرة ” وهذه رحمة من الله ورأفة أن جمع الناس في اتجاه واحد، ولو ترك الناس وما يتجهون لظهر المسلمون في صورة المتفرقين والمختلفين ويا له من منظر محزن أو مضحك حيث تقام صلاة جمعة أو جماعة فترى المصلين في اتجاهات عدة، قبلة واحدة تجمع هذه الأمة وتوحد بينها على إختلاف مواطنها وأجناسها وألوانها، قبلة واحدة تتجه إليها الأمة الواحدة في مشارق الأرض ومغاربها، فتحس أنها جسم واحد وكيان واحد متجهة إلى هدف واحد الله تعالي ربها ومحمد صلى الله عليه وسلم رسولها والإسلام دينها والكعبة قبلتها، وهكذا وحد الله هذه الأمة في إلهها ورسولها ودينها وقبلتها، وأما المعادون من أهل الكتاب فيعلمون أنه الحق من ربهم ولكن الغرور والحسد والحقد.
يأبى على أصحاب إتباع الحق أو النطق به، وإنه قبل الأمر بتحويل القبلة أخبر الله تعالى نبيه المصطفي محمد صلى الله عليه وسلم بما سيكون من ردود فعل أعدائه من أمر تحويل القبلة فقال تعالى ” سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها ” فاليهود والمشركون والمنافقون كانوا يتحينون كل فرصة للطعن في الدين الجديد وتشكيك العوام في دينهم فهم وإن تباينت عقائدهم ومذاهبهم إلا إن موقفهم من الإسلام وأهله يجمعهم في خندق واحد شأنهم شأن العلمانيين والتحرريين وكل معاد للإسلام في هذا الزمن، الذين لا يألون في محاربة الإسلام وإضعاف مده وترويج بضاعتهم الفاسدة على البسطاء من الناس خوفا من ضياع مصالحهم وشهواتهم، وحسدا من عند أنفسهم، وطاعة لشيطانهم، فاليهود قالوا خالف قبلة الأنبياء قبله، والمشركين قالوا.
كما رجع إلى قبلتنا يوشك أن يرجع إلى ديننا، وأما المنافقون قالوا ما يدري محمد أين يتوجه إن كانت القبلة الأولى حقا فقد تركها، وإن كانت القبلة الثانية هي الحق فقد كان على باطل، وكثرت أقاويل السفهاء من الناس وكانت كما قال الله تعالي ” وإن كانت لكبيرة إلا علي الذين هدي الله ” والذين هدى الله من المؤمنين الذين قالوا سمعنا وأطعنا كل من عند ربنا، فهم متجهون إلى ربهم إلى أي جهة يأمرهم بها إنه الإبتلاء والإمتحان الذي يتميز به الصادق من الكاذب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock