
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وإمتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيما لشأنه وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمدا عبد الله ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله على هذا النبي العظيم وعلى آله وصحبه وأتباعه أما بعد لقد حثنا الإسلام عند نزول الكوارث والنكبات بالمبادرة إلى فعل الخيرات وترك المنكرات والتواصي بذلك، حيث قال الشيخ ابن باز رحمه الله الواجب عند الزلازل وغيرها من الآيات والكسوف والرياح الشديدة والفيضانات البدار بالتوبة إلى الله سبحانه والضراعة إليه وسؤاله العافية والإكثار من ذكره وإستغفاره، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الكسوف ” فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله ودعائه وإستغفاره ” متفق عليه، ويستحب أيضا رحمة الفقراء والمساكين والصدقة عليهم لقول النبي صلى الله عليه وسلم “ارحموا ترحموا” رواه أحمد.
وأيضا ” الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء” رواه الترمذي، وقوله صلى الله عليه وسلم ” من لا يرحم لا يرحم ” رواه البخاري، وروي عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله أنه كان يكتب إلى أمرائه عند وجود الزلزلة أن يتصدقوا ومن أسباب العافية والسلامة من كل سوء هو مبادرة ولاة الأمور بالأخذ على أيدي السفهاء وإلزامهم بالحق وتحكيم شرع الله فيهم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعندما تقوم العاصفه وتشتد الرياح، تجد أن المدارس أغلقت، والجهات الأمنية إستنفرت والمستشفيات في حالة طوارئ أصبحت والموانيء عطلت والرحلات الجوية تأخرت والشمس بحجاب الأتربة تدثرت ونسبة الحوادث على الطرق إرتفعت وصدور مرض الربو ضاقت، وأصبح الهواء النقي عملة نادرة.
وأخذت ذرات التراب تقتحم الأفواه والصدور عنوة وبلا إستئذان، وهذه بعض ملامح العاصفة الترابية التي تهب علي العباد من رب العباد فهل تأملتم عباد الله في هذه الرياح؟ من حركها؟ ومن جعلها تحمل هذه الكمية الهائلة من الأتربة؟ ومن أمدها بالقوة الهائلة حتى تسقط الأشجار الضخمة، واللوحات الإعلانية؟ إنه الله العزيز الجبار، إنه الله من بيده الملك وهو على كل شيء قدير، ومع ذلك خرجت تقارير لم تنسب الأمر لله بل تقول للناس بأنها أمر طبيعي وأنها من طبيعة طقس الفصل الذي نحن فيه، ولكن الغريب في الأمر أن من طبيعة الطقس الخاص بفصل من الفصول أن يتكرر كل عام مع تكرر الفصل نفسه وكم عشنا في السنوات الماضية وما رأينا مثل هذه العواصف الترابية الخانقة، معاشر المؤمنين إن ما يميزكم هو إيمانكم العظيم بأن كل ما في هذا الكون.
لا يتحرك إلا بإذن الله تعالي، وأن الريح ما هي إلا جند من جند الله يجعلها الله رياحا على عباده المؤمنين فتأتي بالقطر والرخاء والنعمة كما أخبر الله تعالي عن ذلك، فالرياح يرسلها الله بالخير والبركة والمطر، والرياح قد تشتد سرعتها وقوتها فتتحول لريح مدمرة أو معطلة وهي التي ضرب الله بها الأمثلة في كتابه على العذاب أو نذر العذاب، ففي الآيات ذكرها الله نذيرا، ولكن إذا لم تنفع الآيات والنذر قد تتحول للعذاب عياذا بالله، فقوم عاد الذين كانوا أشد البشر قوة على وجه الأرض وكانوا يتباهون بقوتهم تلك كان هلاكهم بالريح وهذا خير البشر من غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر تحكي لنا أم المؤمنين الطاهرة المبرأة من فوق سبع سموات الصديقة بنت الصديق رضي الله عنه وعن أبيها حاله صلي الله عليه وسلم مع الريح في أحاديث كثيرة.



