إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله، فلا مضلّ له، ومن يضلل، فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ثم أما بعد إن الدنيا دار بلاء وإبتلاء وأمراض، فهي ظل زائل ومتاع منتهي وما من إنسان في هذه الدنيا إلا ولابد أن يواجه فيها مرض وعافية وسرور وفرح وحزن وسراء وضراء وكل هذا لماذا، فغلإجابة تأتي من الله سبحانه وتعالي حيث قال تعالى ” تبارك الذي بيده الملك وهو علي كل شيء قدير الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور” فكثيرا من الناس قد يواجه المرض لكنه ينسى الصبر عليه وينسى ما في المرض والبلايا من فوائد جمة في الدنيا والآخره، فإن الله تعالى لم يخلق شيئا إلا وفيه نعمة.
ولولا أن الله تعالي خلق العذاب والألم لما عرف المتنعمون قدر نعمة الله عليهم، ولولا الليل لما عُرف قدر النهار ولولا المرض لما عُرف قدرالصحة والعافية وأهل الجنة يفرحون ويزداد فرحهم عندما يتفكرون في آلام أهل النار، بل إن من نعيم الجنة هو رؤية أهل النار وما هم فيه من عذاب، فيا من فقدت طعم العافية، لا تكثر من الشكوى والأنين، فقد كان السلف الصالح يكرهون ذلك لما فيه من الضعف وعدم الصبر، وعليك بكثرة الذكر تسبيحا وتحميدا وتكبيرا وتهليلا، واحرص شفاك الله على لزوم الإستغفار واللجوء إلى الله سبحانه وتعالي، فإن في ذلك فرجا لك ومخرجا مما أنت فيه من ألم وهم ووجع وضيق فقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب ” رواه أبو داود.
وعليك أخي المريض المسلم أن تكثر من الدعاء الصادق والإلحاح في الطلب، فإن الله جل جلاله يحب من عبده أن يسأله ومتى علم سبحانه وتعالى من العبد الصدق والإخلاص أجابه وحقق رجاءه ورفع عنه ما يشتكيه بعزته وقدرته سبحانه، ويا من كثرت همومك وزادت أوجاعك، تذكر أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وإياك والوقوع فيما يسوله الشيطان لبعض المرضى الذين يظنون أن السبيل إلى نسيان آلامهم، والتخفيف من أوجاعهم، والترويح عن أنفسهم لا يكون إلا بسماع الموسيقى والغناء المحرّم، أو الإنشغال بمتابعة المسلسلات الهابطة ومشاهدة الأفلام الساقطة التي هي في الحقيقة مرض خطير وداء عظيم، وعليك بارك الله فيك أن تحرص على قراءة القرآن الكريم وتلاوة آياته، والإكثار من ذلك لما فيه من الأجر والثواب وحصول الطمأنينة.
كما أن عليك أن تحرص على مطالعة الكتب النافعة والإنشغال بقراءتها والاطلاع على محتوياتها فإن لم تستطع فلا تهمل سماع الأشرطة الإسلامية التي تشتمل على التلاوات المباركة، والمحاضرات النافعة، والدروس المفيدة، والخطب العظيمة التي يمكن أن تشغل بها وقتك، وتنسى بها ألمك، وتحصل بها على عظيم الأجر وجزيل الثواب بإذن الله تعالى، ويا من مسك الله بضر لا يكشفه إلا هو سبحانه، إصبر على ما قضاه الله تعالى وقدّره عليك، فإن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وإياك أن تيأس أو تقنط من رحمة الله تعالى، فإن ذلك مخالف لهدي الإسلام وتربيته وآدابه، وإحذر من تمني الموت متى إشتد عليك المرض لما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال سمعت رسول الله يقول ” لا يتمنين أحدكم الموت إما محسنا فلعله يزداد خيرا، وإما مسيئا فلعله يستعتب ” رواه ابن حبان.