في طريق الحياة، لا شيء يحدث عبثاً كل لقاء، وكل خذلان، وكل ابتلاء، وكل لحظة فرح أو حزن، ما هي إلا مفاتيح سرية لمعادلة كونية أعدّها الله بحكمة بالغة.
أحياناً، نلتقي بأشخاص يُشكل وجودهم في حياتنا عبئاً أو ابتلاءً، فنظن أنهم جاءوا لتعكير صفونا أو تعطيل مسيرتنا لكن ما لا ندركه أن الله يرسلهم إلينا ليكونوا مرآة لخلل ما بداخلنا.. خلل لا نراه إلا من خلالهم وجودهم لا يعني عقوبة، بل هو رسالة خفية لإصلاح أنفسنا، لأن فيهم العلاج، وإن بدا لنا مؤذياً.
وفي أحيان أخرى، نرتاح لأشخاص يظهرون لنا أسمى معاني الطيبة والاحتواء، فنحبهم ونأنس بوجودهم، ولكن فجأة، يتغير كل شيء.. تتبدل المواقف وتنقلب الأحوال، فتأتي الصدمة من حيث لا نحتسب وهنا يتساءل الكثيرون: لماذا يحدث هذا؟ وما الحكمة من ذلك؟
الجواب في عمق التجربة: هؤلاء أيضاً “علاج”
فلولا تغير الأحوال، كيف كنا لنتعلم الصبر، والحكمة، والتسامح، والتمييز بين الظاهر والباطن؟
إن الله، جل في علاه، قادر على أن يحيطنا بأشخاص يشبهوننا تماماً، يريحوننا ويتوافقون معنا في كل شيء، لكن ذلك لن يحمل لنا أي فائدة، بل يقتل فينا فرص النمو فالتحديات تُربينا، والمواقف تُهذبنا، والتجارب تُقوينا.
كم من موقف كشف لنا من يستحق أن يبقى في حياتنا، ومن كان مجرد ظل في طريقنا؟
وكم من خذلان جاءنا من أقرب الناس، ليفتح أعيننا على من كنا نغفل عن حقيقتهم؟
كل ما كتبه الله هو خير، حتى وإن لم ندركه في لحظته ويكفي أن نُردد بصدق: “الحمد لله على كل حال”.
في مواجهة الحياة، لا تكن مرآة تتقلب وفق أفعال الآخرين، كن مصدر ضوء أحسن حتى إن أُسيء إليك، فالأخلاق لا ترتبط بردود الفعل بل بجوهر النفس.
وتذكّر دائمًا، في كل لحظة غضب أو حزن أو خيانة، أن تتوقف… توقف لتفكر، لا لتتفاعل بردة فعل فهناك قانون في هذه الدنيا يُدعى
“الدوران”، وما تقدّمه فيها – خيراً أو شراً – سيعود إليك عاجلاً أم آجلاً.
وتبسم… فإن الله ما أشقاك إلا ليسعدك، وما منع عنك إلا ليُعطيك، وما أوجعك إلا ليطهّرك، وما أبكاك إلا ليُضحكك في يوم قريب.
الصباحات الجديدة ليست تكراراً للأمس، بل فرصة جديدة للهروب من الألم، والركض نحو الأمل.
واختتم بهذا الدعاء الصادق:
“تركتُ لرحمة الرحمن نفسي.. فمالي دون رحمته رجاءُ..
أنا الإنسان في ظلمي وعجزي.. وأنتَ الله تفعل ما تشاءُ.”
فليكرمنا الله جميعاً براحة البال ويقين القلب وفرج السماء.